ممدود وهمزة ساكنة وقد تسهل، أي: محجة ومعناه كثير السلوك عليها مفعال من الإتيان، يريد الموت، أي أن الناس كلهم يسلكونها. قال أبو عبيد: وبعضهم يقول فيه: طريق مأتيّ، أي يأتي عليه الناس، وكلاهما بمعنى قوله في باب أكل الثوم: وكان رسول الله يوتى، وتم الحديث عند أكثرهم، زاد في رواية: بالوحي، وفي أخرى: يعني يأتيه جبريل، وهو معناه هنا.
[فصل الاختلاف والوهم فيه]
ذكر البخاري في التفسير في قوله ﴿ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾. أَعْطِيا ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا﴾ [فصلت: ١١] أعْطَيْنا. قال القاضي ﵀: وليس أتى هنا بمعنى أعطى، وإنما هو من الإتيان والمجيء والانفعال للوجود بدليل الآية نفسها وبهذا فسر المفسرون أن معناه: جيئا بما خلقت فيكما وأظهراه، ومثله مروي عن ابن عباس، وقد روي عن سعيد بن جبير نحو ما ذكره البخاري،
لكنه يخرج على تقريب المعنى أنهما لما أمرتا بإخراج ما بث فيهما من شمس ونجوم وقمر وأنهار ونبات وغير ذلك وأجابتنا إلى ذلك كان كالإعطاء، فعبر بالإعطاء عن المجيء بما أودعتاه. والله أعلم.
وقوله: في صفة نزول الوحي: فلما أُتْلِيَ عنه بضم الهمزة وتاء باثنتين فوقها ساكنة ولام مكسورة مثل أُعْطِيَ. كذا قيده شيخنا القاضي أبو عبد الله بن عيسى، عن الجياني، وعند الفارسي مثله إلا أنه بثاء مثلثة، وعند العذري من طريق شيخنا الأسدي: أُثِلَ بكسر الثاء المثلثة مثل ضُرِبَ. وكان عند شيخنا القاضي الحافظ أبي علي: أُجْلِيَ بالجيم مثل أُعْطِيَ أيضًا. وعند ابن ماهان انجلى بالنون، وكذا رواه البخاري. وهاتان الروايتان لهما وجه أي انكشف عنه وذهب وفرج عنه، يقال: انجلى عنه الغم وأجليته عنه: أي فرجته فتفرج، وأجلوا عن قتيل: أي: أفرجوا عنه وتركوه. وقال بعضهم: لعله اؤتلى: أي قصر عنه وأمسك من قولهم: لم يَأْلُ يفعل كذا، أي: لم يقصِّر، وقال بعضهم: لعله أُعْلِيَ عنه، تصحف منه انجلى أو أُجْلِيَ، وكذا رواه ابن أبي خيثمة: أي نُحِيَ عنه كما قال أبو جهل: أُعْلُ عني: أي: تنح. وفي تفسير سورة سبحان: فلما نزل الوحي. وكذا في مسلم في حديث سؤال اليهودي، وهذا وهم بين لأنه إنما جاء هذا الفصل عند انكشاف الوحي، وفي البخاري في كتاب الاعتصام: فلما صعد الوحي، وهذا صحيح من نحو ما تقدم أولًا.
وفي باب الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين في حديث عبد الله بن عبد الوهاب: كنا عند أبي موسى فأَتى ذِكْرُ دجاجةٍ. كذا لأبي ذر والنسفي ولبعضهم، بفتح الهمزة وكسر الدال. وعند الأصيلي: فأُتِيَ ذَكَر دجاجة، بضم الهمزة على ما لم يسمّ فاعله وَذَكَرَ فعل ماض. وهذا أشبه كما قال في غير هذا الباب: فأُتِيَ بلحمِ دجاجٍ. وبدليل قوله في هذا الحديث: فدعاه للطعام. كأنه شك الراوي بما أُتِيَ به، لكنه ذكر أن فيه دجاجة.
وقوله: في حديث امرأة أبي أسيد في خبر النبيذ: فلما فرغ من الطعام أتته فسقته. كذا لابن الحذاء وللباقين: أماتته فسقته. أي عركته يعني التمر المنقوع وهو الصواب.
وفي باب الجلوس في أفنية الدور: فإذا أتيتم إلى المجالس فاعطوا الطريق حقها. كذا عندهم عن البخاري لكافة رواة الفربري والنسفي بالتاء هنا من الإتيان، وإلى حرف الخفض والغاية، وهو وهم والصواب ما جاء في كتاب الاستئذان وغير هذا الموضع: فإن أَبَيْتُمْ إلا بالباء بواحدة وإلا حرف استثناء.
قوله: كنا نمر على هشام بن عامر فنأتي عمران بن الحصين فقال لنا ذات يوم. كذا
لهم، وعند السمرقندي: فأتى عمران. وهو وهم، والأول الصواب بدليل