للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا كَانَ عَن ظهر غَنِي فسره أَيُّوب فِي الحَدِيث عَن فضل عِيَال وَبَيَانه من وَرَاء مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْعِيَال كالشيء الَّذِي يطْرَح خلف الظّهْر بَينه قَوْله فِي الحَدِيث نَفسه وابدأ بِمن تعول وَمثله قَوْله من دَعَا لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب كَأَنَّهُ من وَرَاء مَعْرفَته وَمَعْرِفَة النَّاس بذلك لِأَنَّهُ دَلِيل الْإِخْلَاص لَهُ فِي الدُّعَاء وَأبْعد من التصنع وَكَأَنَّهُ من إِلْقَاء الْإِنْسَان الشَّيْء وَرَاء ظَهره إِذا ستره من غَيره وَقد يكون قَوْله عَن ظهر غَنِي بِمَعْنى بَيَان الْغَنِيّ وَمَا فَوق الكفاف إِذْ الكفاف غنى وَيحْتَاج فِي الصَّدَقَة إِلَى زِيَادَة وَظُهُور عَلَيْهِ أَو ارْتِفَاع مَال وزيادته عَلَيْهِ وَقيل عَن ظهر غنى أَي مَا أغنيت بِهِ السَّائِل عَن الْمَسْأَلَة ومساق الحَدِيث ومقدمته يمْنَع هَذَا التَّأْوِيل لِأَنَّهُ قد قَالَ وأبدأ بِمن تعول وَقَالَهُ (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بأثر الَّذِي تصدق بِأحد الثَّوْبَيْنِ الَّذِي تصدق بهما عَلَيْهِ وَنَهْيه (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) عَن ذَلِك وَقَوله فِي حَدِيث الشَّفَاعَة بَين ظهراني جَهَنَّم كَذَا للعذري وَلغيره ظَهْري وَفِي حَدِيث عتْبَان وَغَيره بَين ظَهْري النَّاس كَذَا رَوَاهُ الْبَاجِيّ وَابْن عتاب وَبَعض أشياخنا وَعند الْجُمْهُور وظهراني وَفِي حَدِيث الْحَوْض بَين ظهراني أَصْحَابه وَكَذَلِكَ لَا صرخن بَين ظهرانيهم وَبَين ظَهْري خيل دهم وَبَين ظَهْري صيامها وَعند بَعضهم أَيْضا هُنَا ظهراني أَصْحَابه وَكَذَلِكَ لأصرخن بَين ظهرانيهم وَبَين ظَهْري خيل دهم وَبَين ظَهْري صيامها وَعند بَعضهم أَيْضا هُنَا ظهراني وَفِي حَدِيث الْكُسُوف بَين ظَهْري الْحجر كَذَا للْقَاضِي وَابْن عتاب ولغيرهما ظهراني قَالَ الْبَاجِيّ وَهُوَ الْمَعْرُوف

قَالَ القَاضِي رَحمَه الله قَالَ الْأَصْمَعِي وَغَيره يُقَال بَين ظهريهم وظهرانيهم بِفَتْح الظَّاء وَالنُّون وَمَعْنَاهُ بَينهم وَبَين أظهرهم قَالَ غَيره وَالْعرب تضع الأثنين مَوضِع الْجَمِيع وَقَوله قطعْتُمْ ظهر الرجل أَي أهلكتموه بمدحكم كمن قطع نخاعه وقصم ظَهره قَوْله وَجَعَلنَا مَكَّة بِظهْر أَي من وَرَائِنَا وَقَوله لَا يزَال مَعَك من الله ظهير أَي نصير ومعين المظاهرة المعاونة قَوْله فِي آخر حَدِيث أحد فَظهر هَؤُلَاءِ الَّذين كَانَ بَينهم وَبَين رَسُول الله عهد فقنت رَسُول الله شهرا بعد الرُّكُوع يدعوا عَلَيْهِم كَذَا فِي جَمِيع النّسخ وَمَعْنَاهُ هُنَا غلب وَلَا وَجه لَهُ أقرب من هَذَا وَالْأَشْبَه عِنْدِي أَن يكون مغيرا من قَوْله فغدر وَهُوَ أشبه وَأَصَح فِي الْمَعْنى كَمَا قَالَ فِي الحَدِيث الآخر غدروا بهم فقنت شهرا يدعوا عَلَيْهِم.

فصل الِاخْتِلَاف وَالوهم

قَوْله فِي الصَّلَاة حَتَّى يظل الرجل أَن يدْرِي كم صلى بِفَتْح الظَّاء بِمَعْنى يصير من قَوْله تَعَالَى ظلّ وَجهه مسودا كَذَا روينَاهُ فِيهَا وَكَذَا قَالَه الدَّرَاورْدِي وَقيل يظل هُنَا بِمَعْنى يبْقى ويدوم كَمَا قَالَ

ظللت رِدَائي فَوق رَأْسِي قَاعِدا

وَحكى الدَّاودِيّ أَنه روى يضل بِكَسْر الضَّاد وَفتحهَا من الضلال وَهُوَ التحير وَالْكَسْر فِي الْمُسْتَقْبل وَفتح الْمَاضِي أشهر قَالَ تَعَالَى إِن تضل إِحْدَاهَا أَي تنسى وَكَذَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات عَن الْقَابِسِيّ وَابْن الْحذاء عندنَا أَي يتحير ويسهوا وَفَسرهُ مَالك فَقَالَ معنى ينسى من قَوْله تَعَالَى أَن تضل إِحْدَاهمَا أَي تنسى وَهُوَ صَحِيح أَيْضا والضلال النسْيَان وَهَذَا التَّفْسِير يَأْتِي على غير رِوَايَة مَالك فِي كِتَابه فَإِنَّهُ إِنَّمَا ذكره هُوَ بالظاء بِمَعْنى يصير وَهُوَ أليق بالْكلَام هُنَا وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي الضَّاد وَذكرنَا فِي حرف الْهمزَة الِاخْتِلَاف فِي أَن يدْرِي بِالْكَسْرِ أَو الْفَتْح وتصويب الْكسر فِيهِ إِن أَن هُنَا بِمَعْنى مَا فِي الرِّوَايَة الْوَاحِدَة وبالوجهين على الْأُخْرَى وَقَوله أَنِّي أعطي أَقْوَامًا أَخَاف ظلعهم بِفَتْح الظَّاء وَاللَّام كَذَا لجماعتهم وَمَعْنَاهُ وَالله أعلم ضعف إِيمَانهم كالظالع من الْحَيَوَان الَّذِي يضعف عَن السّير مَعَ غَيره وَهُوَ الْأَعْرَج الَّذِي يغمز برجليه وَقيل ظلعهم ذنبهم وَرَوَاهُ ابْن السكن هلعهم والهلع الْحِرْص وَقلة الصَّبْر وَأَعُوذ بك

<<  <  ج: ص:  >  >>