للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر: إذا دخل صفر، وعفا الوبر، على ما جاء في بعض الروايات، يريد وبر الإبل التي حلقتها الرحال أي: كثر ويكون أيضًا بمعنى قلَّ وذهب من الأضداد. ومنه: عفت الديار إذا درست وذهبت معالمها. وقيل: مثله في عفا الأثر في الرواية المشهورة في هذا الحديث. وقيل: أي درس أثر الحاج والمعتمرين بعد رجوعهم.

وقوله: العوافي الطير والسباع، فسره في الحديث بما ذكر، وهو اسم لها جامع لطلبها رزقها، وكذلك سائر الدواب. وفي الحديث الآخر: فما أكلت منه العوافي له صدقة بمعناه، وقد جاء في حديث آخر مفسرًا، وكل من ألمَّ بك وقصدك لرفدك، فهو عاف ومتعف وجمعهم عفاة وعافة يقال منه: عفوته واعتفيته.

وقوله: حتى تعفّي أثره أي: تمحوه وتذهبه، وفي الرواية الأخرى: تعفوا بمعناه، ومنه ﴿عَفَا اللَّهُ عَنكَ﴾ [التوبة: ٤٣] أي: محا ذنبك، وعفت الريح الأثر.

وقوله: وعفا الأثر. وفي الحديث الآخر: أعوذ بمعافاتك من عقوبتك أي: بعفوك عني وترك مواخذتك. يقال: عافاه الله معافاة وعافية، وفي الحديث الآخر أسألك العفو والعافية والمعافاة. قيل: العفو محو الذنب، والعافية من الأسقام والبلايا، ودفاعه عنه اسم وضع موضع المصدر مثل: راغية البعير، والمعافاة أن يعافيك الله من الناس، ويعافيهم منك.

[فصل الاختلاف والوهم]

في حفر الخندق، وحتى أعفر بطنه أو أغبر بطنه، كذا لهم، وكذا ضبطه بعضهم: بفتح بطنه، ولأبي زيد وأبي ذر حتى أغمر بطنه أو أغبر، كذا عند الأصيلي وقيده عبدوس وبعضهم أغمر: بتشديد الراء ورفع بطنه، وعند النسفي: حتى غبر بطنه، أو اغبر، ووجه الميم هنا بمعنى ستر كما جاء في الحديث الآخر: حتى وارى عني التراب بطنه، وأما بتشديد الراء ورفع بطنه فبعيد، وللفاء وجه من العفر وهو التراب، والأوجه اغبر أي علاه الغبار: وقوله عفوا إذا عفّكم الله كذا لهم ومعناه قد ذكرناه وعند القنازعي في الموطأ إذا أعفكم الله

وليس بشيء وهو وهم.

وقوله: ومن يستعفف يعفه الله، كذا يقوله المحدثون، وكذا قيدناه عن أكثرهم بالفتح، وكان بعض شيوخنا يقول: مذهب سيبويه في هذا الضم وهو الصواب، وقد ذكرنا علّة سيبويه فيه في حرف الحاء.

[العين مع القاف]

[(ع ق ب)]

قوله: معقبات لا يخيب قائلهن ثلاث وثلاثون تسبيحة الحديث، قال الهروي وغيره: هي التسبيحات دُبُرَ كل صلاة، كذا وكذا مرة، سميت بذلك لإعادتهن مرة بعد أخرى، يريد وما ذكر بعدها من الذكر منه قوله تعالى ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد: ١١] أي: ملائكة يعقب بعضهم بعضًا، ومنه: ما شاء أن يعقّب معك فليعقّب التعقيب الغزوة بأثر الأخرى في سنة واحدة، ومنه قوله: يتعاقبون فيكم ملائكة أي: يتداولون ويجيء بعضهم إثر بعض، وهذا مما جاء الضمير فيه مقدمًا على اسم الجمع، على بعض لغات العرب، وهي لغة بني الحرث يقولون: ضربوني إخوتك وأكلوني البراغيث، وهو قليل.

وقوله: وأنا العاقب، جاء مفسرًا في الحديث الذي ليس بعده نبي يعني: أنه جاء آخرهم. قال ابن الأعرابي: العاقب هو الذي يخلف من قبله في الخير.

وقوله: ارتدوا على أعقابهم أي: رجعوا إلى كفرهم كالراجع إلى خلفه وإلى حاله، ومثله قوله: ادع الله ألا يردني على عقبي وألَّا يردك على عقبك، ولا تردهم على أعقابهم أي على حالهم الأول من ترك الهجرة.

وقوله: فإنها له ولعقبه، واخلفه في عقبه عقب الرجل ولده الذي يأتي بعده، وعقبه أيضًا.

وقوله: في عقب حديثه: بضم العين وسكون القاف أي: بأثر حديثه، وعقب الشهر آخره.

<<  <  ج: ص:  >  >>