حتى تملوا. قيل: معنى حتى هنا: على بابها من الغاية، وإليه كان يذهب شيخنا أبو الحسين وأبوه أبو مروان، وحكى لنا ذلك عنه أي: لا يمل هو، ولا يليق به الملل، إن مللتم أنتم.
وقوله: يمل هو من مجانسة الكلام ومقابلته أي: لا يترك ثوابكم حتى تملوا، وتتركوا بمللكم عبادته، فسمى تركه لثوابهم مللًا مجازًا مقابلة مللهم الحقيقي. وقيل: خرج الكلام مخرج قولهم: حتى يشيب الغراب ليس على ذكر الغاية لكن على نفي القصة أي: إن الله لا يمل جملة، والملل إنما هو من صفات المخلوقين وترك الشيء استثقالًا له وكراهة له بعد حرص ومحبة فيه، وهذه التغيرات غير لائقة بربِّ الأرباب.
وقوله: كأنما تسفهم المل أي: تسفيهم الرماد الحار. وقيل: هو الجمر. وقيل: التراب المحمي، وسنذكر الخلاف فيه في السين، إن شاء الله.
وقوله: فأملت علي أي السور، يقال: أمللت الكتاب وأمليته لغة إذا لقنته من يكتبه، وقول عمر يا مال ترخيم مالك يقال: بضم اللام وكسرها.
[(م ل ص)]
قوله: في إملاص المرأة هو: إزلاقها الولد قبل حينه يقال: أملصت المرأة الجنين، وأملصت به وملص هو: بفتح اللام وكسرها يملص ويملص وأملص: بتشديد الميم إذا زلق وكذلك غيره، كذا عند ابن الحذاء، وفي كتاب التميمي، وكذا ذكره الحميدي، وقد جاء في رواية بعضهم: ملاص كأنه اسم لفعل الولد فحذف وأقام المضاف إليه مقامه، أو اسم لتلك الولادة كالخراج يقال: ملص الشيء: انفلت وزل ملصًا.
[(م ل ق)]
قوله: وأملقوا أي: فنيت أزوادهم وأصله كثرة الإنفاق، حتى ينفد.
[(م ل ط)]
قوله: ملاطها المسك: بكسر الميم الملاط الطين الذي يجعل بين أثناء البنا.
[فصل الاختلاف والوهم]
في باب هجرة النبي ﷺ أزواجه: فأتيت المسجد فإذا هو ملآن من الناس، كذا للأصيلي، ولغيره ملا والأول أصوب، وقد يخرج للثاني وجه أي: إذا هو ساحة ملأى.
وقوله: إن الله يملي للظالم أي: يؤخره ويطيل مدته، مأخوذ من الملاوة وهي الزمان.
وقوله: هل كان في آبائه من ملك: بفتح الميمين وفتح اللام والكاف، ويروى من ملك: بكسر ميم من وكسر اللام، وكلاهما يرجع إلى معنى. وكذلك قوله هذا ملك هذه الأمة، قد ظهر: بضم الميم وسكون اللام، كذا لعامتهم، وعند القابسي عن المروزي: ملك بفتح الميم وكسر اللام، وعند أبي ذر، يملك فعل مستقبل وأراها ضمة الميم اتصلت بها فتصحَّفت. وكذلك قوله: لقد حكمت فيهم بحكم الملك يروى: بكسر اللام يريد الله تعالى، ويروى بفتحها: يريد ما أوحى إليه جبريل ﵉ قيل: والأول أولى لقوله في الرواية الأخرى: بحكم الله.
وقوله: في الاستسقاء: وألف الله السحاب وملتنا، كذا عند القاضي أبي علي والطبري بالميم، وعند الأسدي: هلتنا بالهاء وهو الصواب إن شاء الله أي: أمطرتنا يقال: هل السحاب إذا أمطر بشدة إلا أن تجعل ملتنا مشددة من قولهم أمللته، إذا أكثرت عليه حتى يشق ذلك عليه، فقد يكون من هذا فقد جاء في الحديث أنهم مطروا حتى شق ذلك عليهم، وسألوا النبي ﵇ في الدعاء في رفع ذلك عنهم فالله أعلم، ويكون له هذا وجهًا حسنًا، ويطابقه: وتشهد له صفة الحال، أو يكون وبلتنا أي: أمطرتنا مطرًا وابلًا يقال:
وبلت السماء وأوبلت، أو يكون ملتنا بالتخفيف من الامتلاء فسهل، وكذا عند التميمي فملأتنا أي: أوسعتنا سقيًا وريًّا. وفي حديث المستحاضة: ومركنها ملآن دمًا، كذا عند التميمي وعند غيره: ملأ والأول الصواب.
الميم مع الميم