الواطئ المفترش لها فوجه الحق لذلك، وهو من اختصار الكلام وإيجازه، وجامعه، ويقال: افترش فلان فلانة إذا تزوجها.
وقوله: لا يُوطَئَنَّ فُرُشكُمْ غَيْرَكُم كنى بالفرش هنا عن النساء، أو من أجل النساء اللاتي يجامعن عليها ومنه قوله: زوجتك وفرشتك أي: جعلت حرمتي لك فراشاً، كناية عما تقدم.
وقوله: ويفرش رجله اليسرى ثلاثي: بكسر الراء أي: يبسطها.
[(ف ر و)]
قوله في حديث الهجرة: ففرشت له فروة، ويروي: فبسطت عليه فروة. قيل: هي حشيشة يابسة، أو قطعة من حشيش يابس، وقد يحتمل أن يكون على وجهه، وفي بعض طرقه في البخاري في باب الهجرة، ففرشت له فروة معي، وهذا يشعر ظاهره أن الفروة هنا من اللباس المعلوم لا الحشيش، وفي حديث موسى والخضر، إنما سمي خضراً لأنه جلس على فروة أرض بيضاء، فإذا هي تهتز خضراء. قال الحربي: هي قطعة يابسة من حشيش. وقال المطرز عن ابن الأعرابي: الفروة أرض بيضاء ليس فيها نبات. وقال أبو الهيثم الكشميهني: الفروة جلدة أرض. وقال عبد الرزاق: هي الأرض اليابسة. قيل: يريد الهشيم اليابس، وهو نحو ما تقدم.
[(ف ر ي)]
قوله: يفري فريه، بكسر الراء وشد الياء. ويقال: بسكون الراء أيضاً، وبالوجهين ضبطناه
على شيوخنا أبي الحسين وغيره، وأنكر الخليل التثقيل وغلط قائله، ومعناه يعمل عمله ويقوي قوته، يقال: فلان يفري الفري أي: يعمل العمل البالغ، ومنه ﴿لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا﴾ [مريم: ٢٧] أي: عظيماً عجباً، يقال: فريت: إذا قطعت وشققت على جهة الإصلاح، وأفريت: إذا فعلته على جهة الإفساد، ومنه قول حسان: لأفرينهم فري الأديم: يريد لأقطعن أعراضهم تقطيع الأديم وتشقيقه.
وقوله: ما فرى الأوداج أي: شقها وقطعها، كذا روايتنا فيه. وقيل: بل كلام العرب في هذا أفرى، وما أفرى الأوداج أي: شقها وأخرج ما فيها وقتل صاحبها، فكأنه من الإفساد عنده. قال القاضي ﵀: والرواية صحيحة لأن الذكاة إصلاح لا إفساد، وقيل: فرى المزادة خرزها كأنه يريد قطعها للخرز، وأفرى الجرح بطنه.
وقوله: من أفرى الفراء ممدودان يدعي الرجل غير أبيه أي: من أشد الكذب، والفرية: بكسر الفاء الكذبة العظيمة. يقال: منه فري: بالكسر يفري وافترى افتراء وفرية: إذا كذب واختلق كلاماً زوراً.
[فصل الاختلاف والوهم]
قوله: لم أرك فرغت لأبي بكر وعمر كما فرغت لعثمان، كذا قيدناه على القاضي أبي علي: بالراء والغين المعجمة، من الفراغ والتهمم، كما قدمناه في بابه، وقيدناه على أبي بحر، وغيره: فزعت بالزاي والعين المهملة من الذعر والهيبة، أو من الهبوب والمبادرة، كما سنذكره بعد هذا في بابه، وهذا هو الأظهر.
وقوله: في رواية أبي النضر في حديث الوباء: فلا يخرجكم الإفرار منه: بالضم عند أكثر الرواة للموطأ، عن يحيى، ولابن بكير، وغيره من رواة الموطأ، وهو البين الوجه أي: لا تخرجوا بسبب الفرار، ومجرد قصده لا لغير ذلك، وأن الخروج للسفر والحاجة مباح كما قال: فلا تخرجوا فراراً منه. ورواه القعنبي: إلا الفرار منه، وكذلك قال ابن أبي مريم وأبو مصعب من رواة الموطأ، وهكذا رواه الجوهري، عن يحيى بن يحيى، ورواه أبو عمر بن عبد البر في الموطأ، وعلي اختصره في التقصي الإفرار منه: بالنصب. قال: ووقع في نسخ بعض شيوخنا إلا فراراً، والإفرار: بالرفع والنصب. قال: وكذلك في كتاب يحيى. قال: ولعل ذلك كان من مالك، وأهل العلم بالعربية، يأبون هذه الرواية، لأن دخول إلا هنا بعد النفي لإيجاب بعض ما بقي قبل من الخروج فكأنه نهى عن الخروج إلا للفرار، خاصة وهذا ضد المقصد والمنهي عنه، إنما هو الخروج للفرار خاصة لا لغيره، وبعضهم جوز ذلك وجعل