كيف كان بدء الوحي. رويناه مهموزاً من الابتداء، ورواه بعضهم غير مهموز من الظهور. قال أبو مروان بن سراج: والهمز أحسن لأنه يجمع المعنيين معاً، وأحاديث الباب تدل على الوجهين، لأن فيه بيان كيف يأتيه ويظهر عليه، وفيه ابتداء حاله فيه وأول ما ابتدئ به منه.
وقوله: بات رسول الله ﷺ بذي الحُلَيْفَة مَبدأه: بفتح الميم وضمها وهمز الألف، أي ابتداء خروجه وشروعه في سفره.
وقوله: وعدتم من حيث بدأتم. قيل: أي إلى سابق علم الله من أنكم تسلمون، والمبُدئ المعيد من أسماء الله تعالى، لأنه ابتدأ خلق المخلوقات وهو يعيدها بعد فنائها، يقال منه: بدا وأبدأ.
وقوله: في حديث الخضر: فانطلق إلى أحدهم بَادِيَ الرأي. قال الله تعالى: ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ [هود: ٢٧] فمن همز فمعناه ابتداء الرأي وأوله، وفي هذا الحديث أي ابتداء، مسارعة دونَ رَوِيَّه. ومن لم يهمز فمعناه في الآية ظاهر الرأي وكذلك في الحديث، أي ظهر له قتله من البدء، مقصور وهو ظهور رأي بعد آخر، وقد يمد البدء أيضاً.
قوله: فكدت أن أباديه: بالباء أي أسابقه
بالكلام، وأبتدي به قبله مثل أبادره.
[(ب د د)]
وقوله: فأبدَّه بصره. قال الحربي: أمده وقال القتبي: أبد. معناه مد وقيل: طول، وفسره الطبري بمعنى رفعه إليه.
وقوله: يبدُّون أعمالهم قبل أهوائهم. كذا ضبطناه عن جميعهم بضم الدال مشددة، وحقيقة هذه اللفظة الدال والهمز. وكذا جاء في بعض الروايات لأنه من التبدية لكنه سهل ونقل ضمة الهمزة لما قبلها، وقد يصح أن يكون على الوجه الأول من البداء وهو الظهور، أي يظهرون ذلك ويشهرونه.
وقوله: استبددت علينا: أي انفردت بالأمر دوننا واختصصت به.
وقوله: فبدد بين أصابعه: أي فرق، وقوله: لا بد: أي لا انفكاك منه، وقيل: لا فراق دونه.
[(ب د ر)]
وقوله: ترجف بوادره: جمع بادرة وهي اللحمة بين المنكب والعنق، وجاء في الحديث الآخر: فؤاده. وكذا جاء للقابسي في التفسير ولغيره: بوادره.
وقوله: بادرني عبدي بنفسه. وبدرتني بالكلام. كله من المسابقة، ومنه قولهم: تبدر يمين أحدهم شهادته. أي تسبق كما جاء في الرواية الأخرى.
وقوله: بدر الطرف نباته. عبارة عن سرعة نباته، أي سبق رجع العين وصرف بصرها، أو حركة حسها على ما نفسره في الطاء كما قال تعالى ﴿أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ [النمل: ٤٠] ومنه في البصاق في المسجد: فإن عجلت منه بادرة فليقل بثوبه هكذا. أي اضطر إلى بصقة أو نخاعة تخرج منه ويغلبه حبسها.
[(ب د ن)]
وقوله ﵇: فلما بَدّن. رويناه بضم الدال مخففة وبفتحها مشددة، وكذا قيدناه على القاضي الشهيد، وأنكر ابن دريد وغير واحد ضم الدال هنا، لأن معناه عظم بدنه وكثر لحمه، قالوا: وليست هذه صفته ﵇، قالوا: والصواب التثقيل لأنه بمعنى أسن أو ثقل
من السن، والحجة لصحة الروايتين معاً ما وقع مفسراً. في حديث عائشة في الرواية الأخرى: فلما أسَنَّ وأخذه اللحم. والحجة للرواية الأولى قولها في الحديث الآخر: معتدل الخلق بَدُن آخر زمانه، والحجة للرواية الثانية قوله: حتى إذا كبر.
وقوله: في حديث ابن أبي هالة: بادن متماسك، أي عظيم البدن مشتده غي مترهل ولا خوار، وقوله: رجلاً بادنًا: أي سميناً عظيم البدن، وفيها ذكر البدنة. والبُدْن: وهو جمعها، وهي مختصة بالإبل سميت بذلك مما تقدم لسمنها وعظم جسمها.
[(ب د ع)]
قوله: وفي الحديث أُبْدِعَ بي فاحملني: بضم الهمزة على ما لم يسم فاعله، قال بعضهم: هكذا استعملت العرب هذه اللفظة فيمن وقفت به