للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هوالذي يأخذ الصدقة هنا. وقال ثابت: يقال: ذلك للذي يأخذها، ويقال للذي يعطيها أيضاً، وأما بتشديد الصاد فالمعطي وهو المتصدق: أدغمت التاء في الصاد لتقارب مخرجهما، وجاء المتصدق في الطالب لها أيضاً، وأنكره ثعلب.

وقوله: ولا تؤخذ في الصدقة هَرِمة، ولا ذَاتَ عَوَارٍ ولا تَيْسِ الغَنَمِ، إِلَّا مَا شَاءَ المُصدِّق يريد. والله أعلم. أخذها أي: ما شاء أخذه من هذه المعيبة إذا رأى ذلك نظراً للمساكين لسمنها وكبر جسمها.

وقوله: وجعل عتقها صداقها، يقال: بفتح

الصاد وكسرها، وفيه أيضاً لغات. يقال: صدقة وصدقة وصدقة وهو: مهر المرأة الذي تستباح به. وفعل النبي هنا خاص له عند كافة الفقهاء؛ لأنَّه قد أبيحت له الموهوبة. وقال بعضهم بظاهره: وقد بينا هذا في كتاب الإكمال غاية البيان.

وقوله: أصدقاء جمع صديق، وهو الصاحب، سمي بذلك من صدق دعوى المودّة أو من ثباتها ولزومها من قولهم: شيء صدق: بالفتح أي: قوي.

قوله: فيبعث بها إلى أصدقاء خديجة، كذا جاء مسلم، وذكره البخاري: صدائق وهو الوجه في جمع صديقه.

وقوله: تصدق رجل من دِينَاره، من دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ معناه: ليتصدق اللفظ: لفظ الخبر ومعناه: الأمر.

[(ص د ي)]

قوله:

وكيف حياة أصداءٍ وهامِ

أنشده البخاري: الصدأ هنا: ذكر الهام، والهام: طائر يطير بالليل، يألف القبور والخرابات، وهو شبيه بالبوم، والعرب تكني عن الميت، بالصدأ والهام. ويقولون: هو هامة

اليوم أو غد، ويزعمون أن الميت إذا مات، خرج من رأسه طائر يقال له: الهامة والصدأ.

قوله: فتصدى لي رجل أي: تعرض له، وأصله: تصدد فقلبت الدال الأخيرة ياء، كما قالوا: تقضى من تقضض.

[فصل الاختلاف والوهم]

قوله: في حديث: الصدقة أوساخ الناس، أخرجا ما تصدران، كذا عند السمرقندي: بالدال بعدها راء وصاد ساكنة، وعند غيره تصرران: بفتح الصاد وراءين اثنتين مهملتين، وعند العذري: مثله لكن: بالسين، وذكره الحميدي: تصوران بالواو أولاً، ولبعضهم: فيه غير ذلك من التصحيف والتغيير، والصواب في هذا كله قول من قاله: بالصاد والراءين: تصرران، وهو الذي ذكره أصحاب الغريب، وتكلموا عليه أي: أخرجا ما جمعتها في صرركما، وأبيناه وكل شيء جمعته فقد صررته ومنه: المصرات. وقيل: معناه ما عزمتما عليه من أصررت الشيء إذا عزمت عليه واعتقدته، ومنه: الإصرار على الذنب.

وقوله: وإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله صدِّيقاً، كذا لكافتهم فيها، وهي رواية المروزي وغيره عن البخاري، وعند الجرجاني صدوقاً والأول أعرف وأصوب. وفي باب: سم النبي : هل أنتم صادقيَّ: بتشديد الياء مثل: مصرخي، كذا لابن السكن، ولغيره: صادقوني. وفي باب قوله تعالى ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١١]. قال الحسن: أحق ما تصدق به الرجل آخر يوم من الدنيا، كذا للأصيلي: من الصدقة، وعند أبي ذر: يصدق من الصدق على ما لم يسم فاعله وهو أشبه بالباب، وبما بعده وقبله. وفي تفسير: عبس تصدي: تغافل عنه، كذا لجميعهم، وهو وهم وقلب للمعنى، إنما تصدي ضد تغافل، ونقيضه بل معناه: تعرض له، وهو مفهوم الآية، بخلاف التي بعدها. وفي نسخة: ولم أروه تلهى تغافل عنه، وهو أشبه بالصواب، وإن تصدى: تصحَّف من تلهى، أو سقط من الأصل. تفسير تصدى إلي، تفسير تلهى، ووصل ما بين الكلامين فاختل.

وقوله: يبعث إلى أصدقاء خديجة، كذا في مسلم، وفي جامع البخاري: صدائق وهو وجه

<<  <  ج: ص:  >  >>