للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووهى قوله السهيلي قَالَ: بل هو نسخ للتبليغ، وليس ببداء، والشفاعة لا تنافي النسخ، فإن النسخ قد يكون عن سبب معلوم، فشفاعته كانت سببًا للنسخ لا مبطلة لحقيقته، والمنسوخ حكم التبليغ الواجب عليه قبل النسخ. وأما أمته فلا نسخ في حقهم؛ لعدم وصوله إليهم، ثم هذا خبر فلا يدخله نسخ، فأخبر الرب تعالى أن عَلَى أمته خمسين صلاة، ومعناه أنها في اللوح المحفوظ خمسون، فأولها - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أنها خمسون بالفعل، فتبين أنها في الثواب لا في العمل (١).

فإن قلتَ: فما معنى نقصها عشرًا بعد عشر؟ فالجواب: أنه ليس كل الخلق يحضر قلبه في الصلاة من أولها إلى آخرها، وقد جاء أنه يكتب له ما حضر قلبه منها، وأنه يصلي فيكتب له نصفها، ربعها، حَتُّى انتهى إلى عشرها ووقف، فهي خمس في حق من يكتب له عشرها، وعشر في حق من كتب له أكثر من ذَلِكَ، وخمسون في حق من كملت صلاته مما يلزمه من تمام خشوعها، وكمال سجودها وركوعها. نبه عليه السهيلي (٢).

وفي كتاب الحكيم الترمذي: قَالَ الله تعالى: "قد فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة يوم خلقت السموات والأرض، فقم بها أنت وهم. فلم أزل أراجعه حَتَّى قيل: خمس بخمسين، فعلمت أنها عزيمة من ربي -عز وجل-" (٣). وللنسائي معناه من حديث أنس (٤).

الثامن بعد الثلاثين:

إنما اعتنى موسى - عليه السلام - بهذِه الأمة، وألح عَلَى نبيها أن يشفع لها،


(١) انظر كلام النحاس والسهيلي في "الروض الأنف" ٢/ ١٥٩.
(٢) "الروض الأنف" ٢/ ١٦٠.
(٣) "الصلاة ومقاصدها" للحكيم الترمذي ص ٤٨.
(٤) "سنن النسائي" ١/ ٢٢١.