للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من إنسان مرض فاستعمل الأدوية على ما ينبغي ومع ذلك لم ينج من المرض؟

وبقي مريضًا مع تناولها، وبهذا عرفنا أنه لا ضرورة إلى الدواء لأمرين:

الأول: لأنه ربما يشفي بدون دواء.

الثاني: فإنه إذا تناوله فليس من المؤكد أن يشفى به، فعلم بهذا أنه لا ضرورة، وأن الدواء المحرم لا تنطبق عليه هذه القاعدة، وعليه فلا يجوز التداوي بالحرام.

وليس معنى قولنا: لا ضرورة إلى الدواء أننا نمنع من التداوي، أو أننا نحذر منه، بل إننا نرى أن القول الراجح في التداوي أنه أفضل من عدمه إذا كان يرجى نفعه" (١).

أما الأسباب المكروهة من الاسترقاء والاكتواء وغيرها، فتركها أولى ومباشرتها تقدح في تمام التوكل المستحب، فإن القلوب تتعلق بالكي والاسترقاء تعلقًا زائدًا.

ويدل على ذلك حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن رسول الله قال: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب "قالوا: من هم يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعك ربهم يتوكلون" (٢)، وأيضًا لحديث العقار بن المغيرة بن شعبة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل" (٣).

قال الشيخ سليمان بن عبد الله - رحمه الله -: "واعلم أن الحديث لا يدل على أنهم لا يباشرون الأسباب أصلًا كما يظنه الجهلة فإن مباشرة الأسباب في الجملة أمر فطري ضروري لا انفكاك لأحد عنه حتى الحيوان البهيم، بل نفس التوكل مباشرة لأعظم الأسباب كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:٣]، أي:


(١) فتاوى منار الإسلام ص ٧٤٦ - ٧٤٨.
(٢) أخرجه البخاري (٥٧٠٥).
(٣) مسند الإمام أحمد (١٨٣٦٤)، وابن ماجه (٣٤٨٩) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، وانظر السلسلة الصحيحة (٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>