ويلح على مولاه مع خفض الصوت واختيار الوقت، ويعترف بذنبه ويقرُّ به أمام الله، ويختار الدعاء المناسب، ويظهر افتقاره إلى الله، ويتوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، ولا يتكلف السجع، وغير ذلك من الآداب تراجع في غير هذا، والله أعلم.
٦ - حكم ترك الدعاء استسلامًا للقضاء:
يقول ابن تيمية رَحِمَه الله:"والناس قد اختلفوا في الدعاء المستعقب لقضاء الحاجات، فزعم قوم من المبطلين متفلسفة ومتصوفة أنه فائدة فيه أصلًا، فإن المشيئة الإلهية والأسباب العلوية إما أن تكون قد اقتضت وجود المطلوب وحينئذ فلا حاجة إلى الدعاء، أو لا تكون قد اقتضته وحينئذ فلا ينفع الدعاء.
وقال قوم ممن تكلم في العلم: بل الدعاء علامة ودلالة على حصول المطلوب وجعلوا ارتباطه بالمطلوب ارتباط الدليل بالمدلول لا ارتباط السبب بالمسبب بمنزلة الخبر الصادق والعلم السابق.
والصواب ما عليه الجمهور من أن الدعاء سبب لحصول الخير المطلوب أو غيره كسائر الأسباب المقدرة والمشروعة وسواء سمي سببًا أو شرطًا أو جزءًا من السبب فالمقصود هنا واحد، فإذا أراد الله بعبد خيرًا ألهمه دعاءه والاستعانة به وجعل استعانته ودعاءه سببا للخير الذي قضاه له كما قال الخطاب - رضي الله عنه -: إني لا أحمل هم الإجابة وإنما أحمل هم الدعاء، فإذا أُلهمت الدء فإن الإجابة معه كما أن الله تعالى إذا أراد أن يشبع عبدًا أو يرويه ألهمه أن يأكل أو يشرب، وإذا أراد أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب فيتوب عليه" (١).
وقال الخطابي رَحِمَه الله: "ومن أبطل الدعاء: فقد أنكر القرآن، ورده ولا خفاء