للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن رجب رحمه الله: "فلا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يقدم محبة الرسول على محبة جميع الخلق، ومحبة الرسول تابعة لمحبة مرسله، والمحبة الصحيحة تقتضي المتابعة والموافقة في حب المحبوبات وبغض المكروهات" (١).

سادسًا: القبول المنافي للرد:

لقوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: ٣٥، ٣٦].

وثبت عَنْ أَبِي مُوسَى - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَثَلُ مَا بَعَثَنِي الله بهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللّهُ بهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلا تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ الكلِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ" (٢).

قال الشيخ عبد الله بن جبرين: "ومن شروط - لا إله إلا الله - القبول المنافي للرد، فإن هناك من يعلم معنى الشهادتين ويوقن بمدلولها ولكنه يردهما كبرًا وحسدًا، وهذه حالة علماء اليهود والنصارى، فقد شهدوا بإلهية الله وحده، وعرفوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - كما يعرفون أبناءهم ومع ذلك لم يقبلوه {حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة:١٠٩].

وهكذا كان المشركون يعرفون معنى لا إله إلا الله وصدق محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولكنهم يستكبرون عن قبوله، كما قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ


(١) جامع العلوم والحكم ص ٣٦٤.
(٢) أخرجه البخاري (٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>