للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالنفس من لطم الوجه، وإتلاف المال؛ بشق الثياب وتمزيقها وذكر الميت بما ليس فيه، والدعاء بالويل والثبور والتظلم من الله تعالى وبدون هذا يثبت التحريم الشديد، فأما الكلمات اليسيرة إذا كانت صدقًا لا على النوح والتسخط فلا تحرم، ولا تنافي الصبر الواجب. نص عليه أحمد لما رواه في مسنده (١) أنس أن أبا بكر - رضي الله عنه - دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته فوضع فمه بين عينيه، ووضع يديه على صدغيه وقال: وانبياه واخليلاه واصفياه. وكذلك صح عن فاطمة - رضي الله عنها - أنها ندبت أباها - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا أبتاه أجاب ربا دعاه ... الحديث (٢) " (٣).

[مسألة: عذاب الميت بما نيح عليه؟]

في الصحيح عن عمر بن الخطاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" (٤). وفي رواية: "من نيح عليه يُعذب بما نيح عليه" (٥) وفي رواية عند مسلم: "إن الميت ليُعذب ببكاء الحي" (٦). فقيل أنها متعارضة قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: ١٥].

وقد أنكرت عائشة - رضي الله عنها - أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك وإنمال: "إن الله ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه" (٧).

وقد تقدم رواية الصحابة لهذا الحديث وقد ثبت ذلك من رواية عمر بن الخطاب كما تقدم، وجاء عن غيره أيضًا وهم جازمون، فلا وجه للنفي مع إمكان


(١) رقم (٢٤٥٣٠) عن عائشة.
(٢) المستدرك ١/ ٣٨٢.
(٣) تيسير العزيز الحميد ٥١٩.
(٤) أخرجه البخاري (١٢٨٦) ومسلم (٩٢٧).
(٥) أخرجه البخاري (١٢٩١) وانظر مسلم (٩٢٧).
(٦) أخرجه مسلم (٩٢٧).
(٧) البخاري (١٢٨٨)، والترمذي (١٠٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>