للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الشبهة العاشرة]

حكاية العتبي أنه رأى أعرابيًا أتى قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- قرأ قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: ٦٤] وهذه القصة لا تصح إسنادًا ولا متنًا إذ قال ابن عبد الهادي في الصارم: "وهذه الحكاية التي ذكرها بعضهم يرويها عن العتبي بلا إسناد، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب الهلالي، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب عن أبي الحسن الزعفراني عن الأعرابي، وقد ذكرها البيهقي في كتاب "شعب الإيمان" بإسناد مظلم ... " (١).

وقال أيضًا: "وفي الجملة ليست هذه الحكاية المذكورة عن الأعرابي مما يقوم به حجة وإسنادها مظلم مختلف ولفظها مختلف أيضًا، ولو كانت ثابتة لم يكن فيها حجة على مطلوب المعترض ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية ولا الاعتماد على مثلها عند أهل العلم" (٢).

وبعضهم يستدل بهذه الآية على الحث على المجيء إلى قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- والاستغفار عنده، وأن ذلك جائز في حياته وبعد مماته. وقد ردَّ هذا الادّعاء الباطل الإمام ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي" فقال: "أما استدلاله بقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ} الآية، فالكلام فيها في مقامين:

أحدهما: عدم دلالتها على مطلوبه.

والثاني: بيان دلالتها على نقيضه، وإنما يتبين الأمران بفهم الآية وما أريد بها وسيقت له وما فهمه منها أعلم الأمة بالقرآن ومعانيه؛ وهم سلف الأمة، ومن سلك سبيلهم.


(١) الصارم المنكي في الرد على السبكي ص ٣٣٧، ٣٣٨.
(٢) الصارم المنكي ص ٣٣٨، وانظر ص ٤٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>