للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أنه منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفرا أو معصية أو شعارا لها كان حكمه كذلك" (١).

[٣ - ضابط التشبه بالكفار]

هناك أمور مشتركة ليست من خصائص الكفرة وليس لهم فيها سمة تخصهم بل يشترك فيها المسلم والكافر ويشترك فيها الناس كلهم كتعلم الصناعات والعلوم الدنيوية التي لا تخل بعقيدة المسلم وكاتخاذ القوة وصناعة السلاح والانتفاع مما أباح الله من زينة الأنعام وأكل الطيبات من الرزق، فهذه الأمور المشتركة قد تكون مباحة وقد يكون الأخذ بها واجب كإعداد القوة للجهاد وهذه الأمور وإن ابتدأ بأخذها أهل الكتاب أو غيرهم فالأخذ بها جائز ومن الأمثلة على ذلك حفر الخندق واستعمال المنجنيق وتدوين الدواوين وقد أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض أمور الجاهلية كالقسامة (٢).

ولكن من الأمور المشتركة ما يكون محرما بعد الإباحة؛ لأن الكفار اتخذوه من خصائصهم فصار شعارًا لهم قال الذهبي: "ألا ترى أن العمامة الزرقاء والصفراء كان لباسهما لنا حلالا قبل اليوم وفي عام سبعمائة لما ألزمهم السلطان الناصر بلبسهم حرمت علينا" (٣).

وقال في كشاف القناع: "قال الشيخ: ولما صارت العمامة الصفراء أو الزرقاء من شعارهم حرم لبسها" (٤).

وبهذا يعلم أن الأحكام في النهي عن التشبه بهم منصبة فيما هو من خصائصهم وتقاليدهم فالتشبه منه ما هو كفر أو وسيلة إليه ومنه ما هو محرم ظاهر التحريم.


(١) اقتضاء الصراط المستقيم ١/ ٢٣٧، ٢٣٨.
(٢) صحيح مسلم (١٦٦٩)، وانظر السنن والآثار لسهيل ص ٦٥.
(٣) تشبه الخسيس بأهل الخميس ص ٢٥.
(٤) كشاف القناع للبهوتي ١/ ٢٠، وانظر تشبيه الخسيس ص ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>