للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منافاة عندي بين القولين، بل أحدهما يتمم الآخر، فحديث ابن عباس لم يتعرض لبيان ما قاله آدم عليه السلام بعد أن تلقى من ربه تلك الكلمات، وهذا القول يبين ذلك، فلا منافاة والحمد لله، وثبت مخالفة الحديث للقرآن، فكان باطلًا.

الموضع الثاني: قوله في آخره: "ولولا محمد ما خلقتك" فإن هذا أمر عظيم يتعلق بالعقائد التي لا تثبت إلا بنص متواتر اتفاقًا، أو صحيح عند آخرين، ولو كان ذلك صحيحًا لورد في الكتاب أو السنة الصحيحة، وأيضًا فإن الله تبارك وتعالى قد أخبرنا عن الحكمة التي من أجلها خلق آدم وذريته، فقال عزَّ وجلَّ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات: ٥٦]، فكل ما خالف هذه الحكمة أو زاد عليها لا يقبل إلا بنص صحيح عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم- كمخالفة هذا الحديث الباطل. ومثله ما اشتهر على ألسنة الناس "لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك" فإنه موضوع كما قال الصنعاني ووافقه الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (١).

وأخيرًا .. فإن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: "الأحاديث التي تروى في هذا الباب -وهو السؤال بنفس المخلوقين- هي من الأحاديث الضعيفة الواهية بل الموضوعة، ولا يوجد في أئمة الإسلام من احتج بها ولا اعتمد عليها" (٢).

[الشبهة الخامسة]

قولهم: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يستفتح بصعاليك المهاجرين.

فيرى المخالفون أن هذا الحديث يفيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يطلب من الله تعالى أن ينصره، ويفتح عليه بالضعفاء المساكين من المهاجرين، وهذا -بزعمهم- هو


(١) التوسل للألباني ص ١١٤ - ١١٦.
(٢) مجموع الفتاوى ١/ ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>