للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالشرك، قال الإمام البخاري رَحِمَهُ اللهُ: "باب المعاصي من أمر الجاهلية، ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنك امرؤ فيك جاهلية وقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]. ثم أورد حديث أبي ذرّ عندما سابّ رجلًا فعيّره بأمه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك المقالة (١).

قال الإمام بدر الدين العيني: "أما وجه الاستدلال بما في الحديث، فهو أنه قال له: فيك جاهلية يعني أنك في تعيير أمه على خلق من أخلاق الجاهلية، ولست جاهلًا محضًا ... وهو نوع من المعصية، ولو كان مرتكب المعصية يكفر، ليبين النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذرّ، ولم يكتف بقوله في الإنكار عليه: "إنك امرؤ فيك جاهلية" (٢).

وقال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ: "وأما قصة أبي ذر فإنما ذكرت ليستدل بها على أن من بقيت فيه خصلة من خصال الجاهلية سوى الشرك، لا يخرج عن الإيمان بها، سواء كانت من الصغائر أم الكبائر" (٣).

[٤ - الفرق بين كفر الاعتقاد وكفر العمل]

قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ: (الكفر نوعان: كفر عمل، وكفر جحود وعناد، فكفر الجحود أن يكفر بما علم أن الرسول جاء به من عند الله جحودًا وعنادا، من أسماء الرب وصفاته وأفعاله وأحكامه. وهذا الكفر يضاد الإيمان من كل وجه. وأما كفر العمل فينقسم إلى ما يضاد الإيمان وإلى ما لا يضاده، فالسجود للصنم والاستهانة بالمصحف وقتل النبي وسبه يضاد الإيمان. وأما الحكم بغير ما أنزل الله وترك الصلاة فهو من الكفر العملي قطعًا، ولا يمكن أن ينفى عنه اسم الكفر


(١) انظر فتح الباري ١/ ١٠٦.
(٢) عمدة القاري ١/ ٢٠٤.
(٣) فتح الباري ١/ ٨٥ وانظر اقتضاء الصراط المستقيم ١/ ٢٠٨ - ٢٢٠، الجهل بمسائل الاعتقاد لمعاش ص ١١٩ - ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>