للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد تقرر أن من شروط (لا إله إلا الله) المحبة لما دلت عليه والسرور بذلك وانشراح الصدر، أما الكره والبغض فإنه ينافي المحبة والانقياد ولا يصح إيمان إلا بالانقياد لشرع الله والتسليم له كما قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥].

* الفرق بين كره المشقة ونفور الطبع وبين الاعتقاد:

قال الراغب رحمهُ اللهُ: "الكره: المشقة التي تنال الإنسان من خارجٍ فيما يُحمَل عليه بإكراهٍ، والكُرهُ ما يناله من ذاته وهو يعافه، وذلك على ضربين:

أحدهما: ما يعاف من حيث الطبع.

الثاني: ما يعاف من حيث العقل أو الشرع.

ولهذا يصح أن يقول الإنسان في الشيء الواحد إني أريده وأكرهه بمعنى إني أريده من حيث الطبع وأكرهه من حيث الشرع، أو أريده من حيث العقل أو الشرع وأكرهه من حيث الطبع قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: ٢١٦] أي تكرهونه من حيث الطبع" (١)، وقال الإمام البغوي رحمهُ اللهُ: {وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} "أي شاق عليكم، قال بعض أهل المعاني: هذا الكره من حيث نفور الطبع عنه لما فيه من مؤنة المال ومشقة النفس وخطر الروح، لا أنهم كرهوا أمر الله تعالى ... " (٢).

وقال الإمام القرطبي رحمهُ اللهُ: "إنما كان الجهاد كرها لأن فيه إخراج المال، ومفارقة الوطن والأهل، والتعرض بالجسد للشجاج والجراح وقطع الأطراف وذهاب النفس، فكانت كراهيتهم لذلك، لا أنهم كرهوا فرض الله تعالى" (٣).


(١) المفردات (ك ر هـ).
(٢) تفسير البغوي ١/ ٢٤٦.
(٣) تفسير القرطبي ٣/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>