للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤١ - اللهم اغفر لي إن شئت *

لما كان العبد لا غناء له عن رحمة الله ومغفرته طرفة عين؛ نهى - صلى الله عليه وسلم - عن تعليق حصول المغفرة والرحمة من الله على المشيئة وأمر بعزم الطلب دون تعليق وعلل ذلك بأن تعليق الطلب من الله على المشيئة يشعر بأن الله يثقله شيء من حوائج خلقه أو يضطره شيء إلى قضائها وهذا خلاف الحق فإنه هو الغني الحميد الفعال لما يريد.

كما يشعر ذلك بفتور العبد في الطلب واستغنائه عن ربه وهو لا غنى له عن ربه عز وجل.

* الدليل من السنة: في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإنه لا مستكره له". ولمسلم: "وليعظم الرّغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه" (١).

* أقوال العلماء في الحكمة من النهي عن تعليق الدعاء بالمشيئة:

قال في التيسير: "قال القرطبي: إنما نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن هذا القول لأنه يدل على فتور الرغبة، وقلة الاهتمام بالمطلوب. وكأن هذا القول يتضمن أن هذا المطلوب إن حصل وإلا استغنى عنه، ومن كان هذا حاله لم يتحقق من حاله الافتقار والاضطرار الذي هو روح عبادة الدعاء، وكان ذلك دليلا على قلة معرفته بذنوبه، وبرحمة ربه. وأيضا فإنه لا يكون موقنا بالإجابة. وقد قال عليه السلام: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل" (٢) " (٣).


* التمهيد لابن عبد البر ١٩/ ٤٩. المصنف لابن أبي شيبة ٦/ ٢١. تيسير العزيز الحميد ص ٦٦١. فتح المجيد ص ٥٣٧. حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص ٣٤٣. القول المفيد لابن عثيمين ط ١ - ٣/ ٨٩، ط ٢ - ٣/ ١١٠ ومن المجموع ١٠/ ٩١٥. القول السديد لابن سعدي المجموعة ٣/ ٤٧. مجموع الفتاوى لابن عثيمين ١/ ٩٠.
(١) أخرجه البخاري (٦٣٣٩)، ومسلم (٢٦٧٩).
(٢) أخرجه الترمذي (٣٤٧٩) والحاكم (١/ ٤٩٣) وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (٥٩٤).
(٣) تيسير العزيز الحميد ص ٦٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>