للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* حكم إنكار المتواتر.

قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله في إيضاح ذلك: "المسائل الإجماعية تارة يصحبها التواتر بالنقل عن صاحب الشرع كوجوب الصلاة مثلا وتارة لا يصحبها التواتر، فالقسم الأول يكفر جاحده لمخالفته المتواتر لا لمخالفته الإجماع، القسم الثاني لا يكفر به" (١).

ويبين شيخ الإسلام معنى المتواتر فيقول: "المقصود من المتواتر ما يفيد العلم لكن من الناس من لا يسمى متواترًا إلا ما رواه عدد كثير يكون العلم حاصلا بكثرة عددهم فقط ويقولون إن كل عدد أفاد العلم في قضية أفاد مثل ذلك العدد العلم في كل قضية وهذا قول ضعيف والصحيح ما عليه الأكثرون أن العلم يحصل بكثرة المخبرين تارة وقد يحصل بصفاتهم لدينهم وضبطهم وقد يحصل بقرائن تحتف بالخبر يحصل العلم بمجموع ذلك وقد يحصل العلم بطائفة دون طائفة، وأيضًا فالخبر الذي تلقاه الأئمة بالقبول تصديقًا له أو عملا بموجبه يفيد العلم عند جماهير الخلف والسلف وهذا في معنى المتواتر لكن من الناس من يسميه المشهور والمستفيض ويقسمون الخبر إلى متواتر ومشهور وخبر واحد ... والصحيح الذي عليه الجمهور أن التواتر ليس له عدد محصور والعلم الحاصل بخبر من الأخبار يحصل في القلب ضرورة كما يحصل الشبع عقب الأكل والرى عند الشرب وليس لما يشبع كل واحد ويرويه قدر معين بل قد يكون الشبع لكثرة الطعام وقد يكون لجودته كاللحم وقد يكون لاستغناء الآكل بقليله، وقد يكون لاشتغال نفسه بفرح أو غضب أو حزن ونحو ذلك" (٢).


(١) أحكام الأحكام ٢/ ٢٣٢. وانظر العواصم والقواصم ٤/ ١٧٤.
(٢) مجموع الفتاوى ١٩/ ٤٨ - ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>