للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبعض أهل العلم يقول: يتركه ولو كان الحق له، والله -جل وعلا- وصف المنافقين بقوله: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩)} [النور: ٤٩] فالذي يرى أن الحق ثبت له في الشرع وما أجاز لنفسه أن يترافع إلى غير الشرع إلا لأنه يأتيه ما جعله الله -جل وعلا- له مشروعًا فهذا لا يدخل في إرادة التحاكم إلى الطاغوت فهو كاره ولكنه حاكم إلى الشرع فعلم أن الشرع يحكم له فجعل الحكم الذي عند القانوني وسيلة للوصول إلى الحق الذي ثبت له شرعًا" (١).

* آثار التحاكم إلى غير الله:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "فإن الله -سبحانه وتعالى- هو الحَكم الذي يحكم بين عباده والحكم له وحده، وقد أنزل الله الكتب وأرسل الرسل ليحكم بينهم، فمن أطاع الرسول كان من أوليائه المتقين، وكانت له سعادة الدنيا والآخرة، ومن عصى الرسول كان من أهل الشقاء والعذاب" (٢).

وقال ابن القيم -رحمه الله-: "فالشرك والدعوة إلى غير الله وإقامة معبود غيره ومطاع متبع غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو أعظم فساد في الأرض، ولا صلاح لها ولا لأهلها إلا أن يكون الله وحده هو المعبود المطاع. والدعوة له لا لغيره، والطاعة والاتباع لرسوله ليس إلا، وغيره إنما تجب طاعته إذا أمر بطاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فإذا أمر بمعصيته وخلاف شريعته فلا سمع له ولا طاعة. ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله، وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك سببه مخالفة رسوله والدعوة إلى غير الله ورسوله" (٣).


(١) التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص ٤٣٠، ٤٣١.
(٢) مجموع الفتاوى ٣٥/ ٣٦١، ٣٦٣، وانظر ٣٧٢، ٣٨٣.
(٣) بدائع الفوائد ٣/ ١٧ وقد قال ذلك في معرض ذكره لأقوال المفسرين في تفسير قول الله تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} [الأعراف: ٥٦]، وانظر الفوائد ص ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>