للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[البقرة: ١٠٢ - ١٠٣] فأخبر سبحانه في هاتين الآيتين أن الشياطين يعلِّمون الناس السحر وأنهم كفروا بذلك، وأن الملكين ما يعلمان من أحد حتى يخبراه أن ما يعلمانه كفر وأنهما فتنة ... وبهذا كله يعلم أن السحر كفر وضلالة وردّة عن الإسلام إذا كان من فعله يدّعي الإسلام، وفي الصحيحين عن أبى هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اجتنبوا السبع الموبقات" قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".

فبَيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث الصحيح أن الشرك والسحر من السبع الموبقات أي المهلكات. والشرك أعظمها، لأنه أعظم الذنوب، والسحر من جملته ولهذا قرنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - به، لأن السحرة لا يتوصلون إلى السحر إلا بعبادة الشياطين والتقرب إليهم بما يحبون من الدعاء، والذبح، والنذر، والاستعانة وغير ذالك.

روى النسائي - رحمه الله - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئا وكل إليه وهذا يفسر قوله تعالى في سورة الفلق: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} قال أهل التفسير: إنهن الساحرات اللاتي يعقدن العقد وينفثن فيها بكلمات شركية يتقربن بها إلى الشياطين لتنفيذ مرادهن في إيذاء الناس وظلمهم" (١).

والساحر في عمله المقتضي للكفر لا يخرج عن أمور ثلاثة:

الأول: إما أن يتضمن عمله الاعتقاد بأن الكواكب السبعة هي المتصرفة في العالم، وبالتالي فالساحر يخاطبها ويطلب منها أشياء، وذلك كفر ينافي الإيمان بالله، وأنه سبحانه المالك المتصرف المحيي المميت ...


(١) مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ٢/ ٦٥٤ - ٦٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>