للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بموته -صلى الله عليه وسلم- واستقرت الشريعة بموته -صلى الله عليه وسلم- أمِن الناس من زيادة القرآن ونقصه، وأمنوا من زيادة الإيجاب والتحريم والمقتضي للعمل قائم بسنته -صلى الله عليه وسلم- فعمل المسلمون بمقتضى سنته وذلك العمل من سنته وإن كان يسمى هذا في اللغة بدعة، وصار هذا كنفي عمر -رضي الله عنه- ليهود خيبر ونصارى نجران ونحوهم من أرض العرب، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- عهد بذلك في مرضه فقال: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" وإنما لم ينفذه أبو بكر -رضي الله عنه- لاشتغاله عنه بقتال أهل الردة وبشروعه في قتال فارس والروم وكذلك عمر لم يمكنه فعله في أول الأمر لاشتغاله بقتال فارس والروم فلما تمكن من ذلك فعل ما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن كان هذا الفعل قد يسمى بدعة في اللغة كما قال له اليهود كيف تخرجنا وقد أقرنا أبو القاسم وكما جاءوا إلى علي -رضي الله عنه- في خلافته فأرادوا منه إعادتهم وقالوا كتابك بخطك فامتنع من ذلك لأن ذلك الفعل من عمر كان بعهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإن كان محدثًا بعده، ومغيرًا لما فعله هو -صلى الله عليه وسلم-" (١).

[٤ - تمسكوا بأقوال لعلماء أجلاء ولم يعرفوا مرادهم من أقوالهم]

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "قال الشَّافِعِيّ: "الْبدْعَة بدْعَتَانِ: مَحْمُودَة وَمَذْمُومَة، فَمَا وَافَقَ السُّنَّة فَهُوَ مَحْمُود وَمَا خَالَفَهَا فَهُوَ مَذْمُوم" أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم بِمَعْنَاهُ مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بْن الْجُنَيْد عَنْ الشَّافِعِيّ.

وَجَاءَ عَنْ الشَّافِعِيّ أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَنَاقِبه قَالَ: "الْمُحْدَثَات ضَرْبَانِ مَا أُحْدِث يُخَالِف كِتَابًا أَوْ سُنَّة أَوْ أَثَرًا أَوْ إِجْمَاعًا فَهَذِهِ بدْعَة الضَّلَال، وَمَا أُحْدِث مِنْ الْخَيْر لَا يُخَالِف شَيْئًا مِنْ ذلِكَ فَهَذِهِ مُحْدَثَة غَيْر مَذْمُومَة"" (٢).

وقال ابن العربي في شرح قوله: "وإياكم ومحدثات الأمور": "ليس المحدث والبدعة مذمومًا للفظ محدث وبدعة ولا لمعناها، وإنما يذم من البدعة ما خالف


(١) اقتضاء الصراط المستقيم ٢/ ٥٩١، ٥٩٢.
(٢) فتح الباري ١٣/ ٢٥٣، جامع العلوم والحكم ٢/ ١٣١، الحلية ٩/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>