السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧)} [ص: ٢٧] فالظنُّ بأنها خلقت باطلا لا لحكمة عظيمة ظن الذين كفروا ... " (١).
* أمثلة لسوء الظن بالله تعالى:
نقل الشيخ سليمان بن عبد الله أقوال العلماء في ذلك فقال: "قال ابن عقيل في الفنون: "الواحد من العوام إذا رأى مراكب مقلدة بالذهب والفضة، ودارا مشيدة مملوءة بالخدم والزينة؛ قال: انظر إلى إعطائهم مع سوء أفعالهم، ولا يزال يلعنهم، ويذم معطيهم حتى يقول: فلان يصلي الجماعات والجمع، ولا يؤذي الذر، ولا يأخذ ما ليس له، ويؤدي الزكاة إذا كان له مال، ويحج ويجاهد، ولا ينال خلة بقلبه، ويظهر الإعجاب كأنه ينطق إنه لو كانت الشرائع حقا لكان الأمر بخلاف ما ترى، وكان الصالح غنيا، والفاسق فقيرًا".
قال أبو الفرج بن الجوزي: وهذه حالة قد شملت خلقا كثيرا من العلماء والجهال، أولهم إبليس فإنه نظر بعقله، فقال: كيف يفضل الطين على جوهر النار؟! وفي ضمن اعتراضه: إن حكمتك قاصرة وأنا أجود. واتبع إبليس في تفضيله واعتراضه خلق كثير، مثل الراوندي والمعري، ومن قوله:
إذا كان لا يحظى برزقك عاقل ... وترزق مجنونا وترزق أحمقا
ولا ذنب يا رب السماء على امرئ ... رأى منك ما لا ينتهي فتزندقا
قال ابن الجوزي: وكان رجل يصحبني قد قارب ثمانين سنة، كثير الصلاة والصوم فمرض واشتد به المرض، فقال: إن كان يريد أن أموت فيميتني، وأما هذا التعذيب، فما له معنى، والله لو أعطاني الفردوس كان مكفورًا. ورأيت آخر تزيّا بالعلم إذا ضاق عليه رزقه يقول: إيش هذا التدبير؟ وعلى هذا كثير من العوام إذا
(١) مجموع الفتاوى لابن عثيمين ١٠/ ٩٧٦، ٩٧٧، وانظر القول المفيد ط ١ - ٣/ ١٥٠، ١٥١.