للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٨٢ - الْهَوَى

قال في المصباح المنير: "الهوى مقصور، مصدر هويتُهُ إذا أحببته وعلِقت به، ثم أطلق على ميل النفس وانحرافها نحو الشيء، ثم استعمل في ميل مذموم فيقال: اتبع هواه، وهو من أهل الأهواء" (١).

والهوى المذموم: كل ما خالف الحق، وللنفس فيه حظ ورغبة من الأقوال والأفعال والمقاصد (٢).

وقال الراغب: "الهوى سمي بذلك لأنه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كل داهية وفي الآخرة إلى الهاوية" (٣).

وقد ذمَّ اللهُ اليهودَ لاتباعهم أهوائهم، حيث قادهم ذلك إلى تبديل شرع الله والكفر بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، وما جاء به من الوحي، قال تعالى: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة: ٨٧]، وقال تعالى: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} [المائدة: ٧٠].

قال القرطبي - رَحِمَه اللَّهُ -: "قال الشعبي: إنما سمي الهوى هوىً لأنه يهوي بصاحبه في النار. وقال ابن عباس: ما ذكر الله هوى في القرآن إلا ذمّه الله. قال تعالى: {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ} [الأعراف: ١٧٦]، وقال تعالى: {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: ٢٨]، وقال تعالى: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ} [الروم: ٢٩]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ


(١) المصباح المنير (هـ و ى).
(٢) انظر الهوى وأثره في الخلاف ص ١٢.
(٣) المفردات (هـ و ى).

<<  <  ج: ص:  >  >>