للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطيرة. فالفأل يفضي بصاحبه إلى الطاعة والتوحيد، والطيرة تفضي بصاحبها إلى المعصية والشرك، فلهذا استحب - صلى الله عليه وسلم - الفأل وأبطل الطيرة" (١).

وقال - رحمه الله -: "الفأل والطيرة - وإن كان مأخذهما سواء ومجتناهما واحدًا - فإنهما يختلفان بالمقاصد ويفترقان بالمذاهب، فما كان محبوبًا مستحسنًا تفاءلوا به وسموه الفأل وأحبوه ورضوه، وما كان مكروهًا قبيحًا منفرًا تشاءموا به وكرهوه وتطيروا منه وسموه طيرة؛ تفرقةً (٢) بين الأمرين، وتفصيلًا بين الوجهين.

وسئل بعض الحكماء فقيل له: ما بالكم تكرهون الطيرة تحبون الفأل؟! فقال: لنا في الفأل عاجل البشرى وإن قصر عن الأمل، ونكره الطيرة لما يلزم قلوبنا من الوجل.

قال ابن القيم - رحمه الله -: وهذا الفرقان حسن جدًّا وأحسن منه ما قاله ابن الرومي في ذلك: الفأل لسان الزمان والطيرة عنوان الحدثان" (٣).

* فضابط الفرق بينهما:

أن الطيرة عامل في عقد العزم على المضي أو الترك.

أما الفأل فإن العزم موجود ولكن التفاؤل زاده سرورًا وحسن ظن، ولذلك قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم" ولم يقل يمضي لأجلها أحدكم - والله أعلم -.

قال ابن تيمية - رحمه الله -: "فكل ما يحدثه الإنسان بحركته تغيير شيء من الأجسام ليستخرج به علم ما يستقبله فهو من هذا الجنس - يعني التطير وما يشابهه


(١) مفتاح دار السعادة ٢/ ٢٤٦، ٢٤٧، والمنهاج في شعب الإيمان للحليمي ٢/ ٢٥، وفتح الباري ١٠/ ٢٥٥.
(٢) في الأصل "تعرفة" ولعله خطأ في الطباعة.
(٣) مفتاح دار السعادة ٢/ ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>