للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان أحمد بن المعذل وغيره بدار المتوكل فخرج عليهم المتوكل فلم يقم له أحمد خاصة فسأل عن ذلك وزيره فاعتذر عنه بسوء بصره فرد عليه أحمد ذلك وقال للمتوكل: إنما نزهتك من عذاب النار، وساق له حديث: "من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار" فجاء المتوكل فجلس إلى جانبه" (١).

وخرج المأمون يومًا من عند أبيه فقام له العلماء ما خلا وكيع بن الجراح قال: فالتفت إليه بعض القواد فقال له: ما هذه الجفوة؟ يمر بك ابن الخليفة ولا تقوم له فقال له: يا هذا إذا طلبنا العلم ولم نعمل به فما نرجوا منه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أحب أن يتمثل له الناس قيامًا فليتبوأ مقعده من النار".

وهؤلاء أحق الناس بالشدة في الدين وترك الالتفات فإن الإعراض عنهم موعظة (٢).

[أحكام وفوائد]

[١ - حكم القيام للقادم]

قال ابن رشد: "إن القيام يقع على أربعة أوجه:

الأول: محظور، وهو أن يقع لمن يريد أن يقام إليه تكبرا وتعاظما على القائمين إليه.

الثاني: مكروه، وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين، ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحذر ولما فيه من التشبيه بالجبابرة.

الثالث: جائز، وهو أن يقع على سبيل البر والإكرام لمن لا يريد ذلك ويؤمن معه التشبه بالجبابرة.

الرابع: مندوب، وهو أن يقوم لمن قدم من سفر فرحا بقدومه ليسلم عليه أو إلى من تجددت له نعمة فيهنئه بحصولها، أو مصيبة يعزيه فيها" (٣).


(١) فتح المغيث ٢/ ٣٢٩، المجالسة وجواهر العلم ٢/ ٢١٣.
(٢) الجليس الصالح والأنيس السوء لسبط الإمام ابن الجوزي ص ٢٢٢.
(٣) انظر: الفتح ١١/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>