للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال قبل ذلك: "والقدر الواجب من الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم فإن زاد على ذلك بحيث صار باعثا للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات والانكفاف عن دقائق المكروهات والتبسط في فضول الحاجات كان ذلك فضلًا محمودًا.

فإن تزايد على ذلك بأن أورث مرضا أو موتا أو همًا لازما بحيث يقطع عن السعي في اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة لله عزَّ وجلَّ لم يكن ذلك محمودًا.

ولهذا كان السلف يخافون على عطاء السلمي من شدة خوفه الذي أنساه القرآن وصار صاحب فراش؛ وهذا لأن خوف العقاب ليس مقصودا لذاته إنما هو سوط يساق به المتوانى عن الطاعة إليها.

ومن هنا كانت النار من جملة نعم الله على عباده الذين خافوه واتقوه، ولهذا المعنى عدها الله سبحانه من جملة آلائه على الثقلين في سورة الرحمن" (١).

وقال ابن عثيمين رحمهُ اللهُ: "والخوف العدل هو الذي يرد عن محارم الله فقط، وإن زدت على هذا فإنه يوصلك إلى اليأس من روح الله، ومن الناس من يفرط في خوفه بحيث لا يردعه عما نهى الله عنه" (٢).

[٢ - الفرق بين الخوف والوجل والفزع]

قال ابن قاسم رحمهُ اللهُ في حاشية ثلاثة الأصول: "الخوف عبادة من العبادات القلبية، بل هو: ركن العبادة الأعظم، ولا يستقيم إخلاص الدين لله، الذي أمر الله به عباده، إلا به. والخوف مصدر خاف، فزع ووجل، لكن الخوف يتعلق بالمكروه، والفزع بما فاجأ منه، وهو انزعاج القلب، بتوقع مكروه عاجل. والوجل من غير متعد، والخوف من متعد" (٣).


(١) من كتاب التخويف من النار ص ٢١.
(٢) مجموع فتاوى ابن عثيمين ١٠/ ٦٤٨. وانظر القول المفيد ط ١ - ٢/ ١٦٦.
(٣) حاشية الأصول الثلاثة ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>