للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في ذكر فوائد الآية: "ومنها: جواز الدعاء باللعنة على كاتم العلم؛ لقوله تعالى: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}؛ لأن من معنى {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} الدعاء عليهم باللعنة؛ تقول: اللهم العنهم؛ ولا يلعن الشخص المعين؛ بل على سبيل التعميم؛ لأن الصحيح أن لعن المعين لا يجوز - ولو كان من المستحقين للعنة؛ لأنه لا يُدرى ماذا يموت عليه؛ قد يهديه الله، كما قال تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [آل عمران: ١٢٨]؛ وأما لعنه بعد موته أيجوز، أم لا يجوز؟ فقد يقال: إنه لا يجوز لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا" وهذا عام؛ ثم إنه قد يثير ضغائن، وأحقاد من أقاربه، وأصحابه، أصدقائه؛ فيكون في ذلك مفسدة؛ ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت"؛ وأيّ خير في كونك تلعن واحدًا كافرًا قد مات؛ وأما طريقته فالواجب التنفير عنها، والقدح فيها، وذمها؛ أما هو شخصيًا فإنه لا يظهر لنا جواز لعنه - وإن كان المعروف عند جمهور أهل العلم أنه يجوز لعنه إذا مات على الكفر" (١).

[٢ - عموم الأحاديث الناهية عن اللعن]

عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - سبابًا ولا فحّاشًا، ولا لعانا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة ما له تَرِبَ جَبينُه" (٢).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ينبغي لصديق أن يكون لعانًا" (٣).

وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يكون اللعانون شفعاء ولا


(١) تفسير سورة البقرة ٢/ ١٩٣.
(٢) أخرجه البخاري (٦٠٣١).
(٣) أخرجه مسلم (٢٥٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>