للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن تيمية: "لكن البكاء على الميت على وجه الرحمة مستحب، وذلك لا ينافي الرضا بقضاء الله، بخلاف البكاء عليه لفوات حظه منه، وبهذا يعرف معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بكى على الميت وقال: "إن هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده" (١) وإنما يرحم الله من عباده الرحماء، وأن هذا ليس كبكاء من يبكي لحظه لا لرحمة الميت. وأن الفضيل لما مات ابنه ضحك، وقال: رأيت أن الله قد قضى، فأحببت أن أرضى بما قضى الله به. حاله حال حسن بالنسبة إلى أهل الجزع، فأما رحمة الميت والرضا بالقضاء وحمد الله كحال النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا أكمل" (٢).

وقال ابن مفلح: "وذكر الشيخ وجيه الدين من أصحابنا في "شرح الهداية" أنه يجوز البكاء على الميت إذا تجرد عن فعل محرم من ندب ونياحة وتسخط بقضاء اللهُ وقدره المحترم، والجزع الذي يناقض الانقياد والاستسلام له" (٣)

[٩ - فائدة في معنى الهلع]

قال الله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢)} [المعارج ١٩ - ٢٢] قال الشوكاني: "قال في الصحاح: الهلع في اللغة أشد الحرص وأسوأ الجزع وأفحشه يقال هلِع بالكسر فهو هلع وهلوع على التكثير وقال عكرمة هو الضجور قال الواحدي المفسرون يقولون تفسير الهلع ما بعده يعني قوله {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} أي إذا أصابه الفقر والحاجة أو المرض أو نحو ذلك فهو جزوع أي كثير الجزع وإذا أصابه الخير من الغنى والخصب والسعة ونحو ذلك فهو كثير المنع والإمساك


(١) أخرجه مسلم (٩٢٣).
(٢) الآداب الشرعية ١/ ٣٠، وانظر مجموع الفتاوى ١٠/ ٤٧.
(٣) الآداب الشرعية ١/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>