للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلما كان بالليل دفناه وسوينا القبور كلها لنعميه على الناس لا ينبشونه قلت: وما يرجون منه؟ قال: كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره فيمطرون. فقلت: من كنتم تظنون الرجل؟ قال: رجل يقال له: دانيال. فقلت: منذ كم وجدتموه مات؟ قال: منذ ثلاث مائة سنة. قلت: ما كان تغير منه شيء؟ قال لا إلا شعيرات من قفاه، إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض" (١).

قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "ففي هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار من تعمية قبره لئلا يفتتن به، ولم يبرزوه للدعاء عنده والتبرك به، ولو ظفر به المتأخرون لجالدوا عليه بالسيوف ولعبدوه من دون الله" (٢).

* حكم تتبع آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- المكانية:

تتبع آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- المكانية إذا كان من باب التبرك فإنه لا يجوز سواء كانت تلك الآثار صحيحة أو غير صحيحة وتتبعه بهذا القصد بدعة.

وأما ابن عمر -رضي الله عنها- فقد ثبت عنه أن كان يتحرى أماكن من الطريق فيصلي فيها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلّى في تلك الأمكنة (٣).

ولم يكن ابن عمر بتتبعه هذه الأماكن يقصد التبرك بها؛ بل كان فِعلُه لشدة المتابعة والاقتداء اجتهادًا منه، وما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- من باب الجبلة أو وقع منه اتفاقًا لا قصدًا هو الذي فعله ابن عمر -رضي الله عنهما- مريدا التشبه برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما صلى فيه


(١) تيسير العزيز الحميد ص ٣٤٢، وقد صحح إسنادها إلى أبي العالية الإمام ابن كثير في البداية والنهاية ٢/ ٣٧ وقال: إن كان تاريخ وفاته محفوظا من ثلاثمائة سنة فليس بنبي بل هو رجل صالح. وقال ابن تيمية: "وهذا قد رويناه في كتاب المغازي لابن إسحاق من رواية يونس بن بكير إلى أبي العالية وذكره البيهقي في كتاب شعب الإيمان وذكره غيره، وهذا من فعل أهل الكتاب لا من فعل المسلمين فليس فيه حجة فلا يحتج به محتج" تلخيص كتاب الاستغاثة ص ٢٩.
(٢) إغاثة اللهفان ١/ ٢٢٢.
(٣) أخرجه البخاري (٤٨٣) وانظر (٤٨٤ - ٤٩٢) من صحيح البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>