للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* مفاسد اتخاذ القبور عيدًا:

قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية: "وبالجملة فهذا الذي يُفعل عِنْدَ هذه القبور بعينه الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "لا تتخذوا قبري عيدًا".

فإن اعتياد قصد المكان المعين في وقت معين عائد بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع هو بعينه معنى العيد، فينهى عن دِقِّ ذلك وجُلِّه؛ لأنه إذا سُوِّغَ فعلُ القليل من ذلك أدَّى إلى فعل الكثير، ثم إذا اشتهر دخل فيه عوام الناس وتناسوا أصله فيعتقدون ذلك المبتَدَع سنةً أو واجبًا، كما هو مشاهد، قال: ويدخل في هذا ما يفعل بمصر عِنْدَ قبر "نفيسة" (١) وغيرها وقبر الدينوري أيضًا، أو ما يفعل بالعراق عِنْدَ القبر الذي يقال إنه عِنْدَ قبر علي وقبر الحسين، وحذيفة بن اليمان، وسلمان الفارسي، وقبر موسى بن جعفر، ومحمد بن علي الجواد ببغداد، وعِنْدَ قبر أحمد بن حنبل، ومعروف الكرخي، وما يُفعل عِنْدَ قبر أبى بريدة البسطامي، إلى قبور كثيرة في أكثر بلاد الإسلام لا يمكن حصرها، كما أنهم بنوا على كثير منها مساجد وبعضها مغصوب، كما بني على قبر أبي حنيفة والشافعي وغيرهما" (٢).

قال ابن القيم رحمه الله: "ثم إن في اتخاذ القبور أعيادًا من المفاسد العظيمة التى لا يعلمها إلا الله تعالى ما يغضبُ لأجله كلُّ مَنْ في قلبه وقارٌ لله تعالى، وغَيْرَة على التوحيد، وتهجين وتقبيح للشرك ولكن: ما لجرح بميتٍ إيلامُ.

فمن مفاسد اتخاذها أعيادًا: الصلاة إليها، والطواف بها، وتقبيلها واستلامها، وتعفير الخدود على ترابها، وعبادة أصحابها، والاستغاثة بهم، وسؤالهم النصر


(١) وهي نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب وتقية صالحة عالمة بالتفسير والحديث، وُلدت بمكة ونشأت بالمدينة ثم انتقلت إلى القاهرة فتوفيت بها سنة ٢٠٨ هـ. ويحصل عِنْدَ مشهدها بمصر ما لا يرضي الله من البدع والمناكير. شذرات الذهب ٢/ ٢١.
(٢) شفاء الصدور ص ٦١. وانظر: الاقتضاء ٢/ ٧٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>