للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتعاظمه شيء أعطاه" ..

الثالث: أنه يشعر بأن الطالب مستغنٍ عن الله، كأنه يقول: إن شئت فافعل، وإن شئت فلا تفعل، فأنا لا يهمني، ولهذا قال: "وليعظم الرغبة أي: يسأل برغبة عظيمة، والتعليق ينافي ذلك؛ لأن المعلق للشيء المطلوب يشعر تعليقه بأنه مستغن عنه، والإنسان ينبغي أن يدعو الله تعالى وهو يشعر أن مفتقر إليه غاية الافتقار، وأن الله قادر على أن يعطيه ما سأل، وأن الله ليس يعظم عليه شيء، بل هو هَيِّن عليه، إذًا من آداب الدعاء أن لا يدعو بهذه الصيغة، بل يجزم فيقول: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، اللهم وفقني، وما أشبه ذلك" (١).

* أحكام وفوائد:

* حكم قول اللهم اغفر لي إن شئت:

تعليق إجابة الدعاء بالمشيئة ينافي كمال التوحيد.

فإذا كان قوله هذا على وجه الاستغناء أو يقولها مشعرًا أن هذا المطلوب عظيم على الله فهذا حرام ولا يجوز، بل الواجب أن يعزم المسألة ويعظم الرغبة ويتيقن الإجابة فإن الله لا مكره له ولا يتعاظمه شيء أعطاه، وممن قال بالتحريم الحافظ ابن عبد البر حيث قال: "لا يجوز لأحد أن يقول: اللهم اعطني إن شئت وغير ذلك من أمور الدين والدنيا؛ لأنه كلام مستحيل لا وجه له، لأنه لا يفعل إلا ما شاءه" (٢).

وذهب بعض العلماء كالنووي وابن حجر إلى حمل النهي على كراهة التنزيه (٣)، وكلامنا هذا إذا كان قوله على وجه الدعاء، وأما إذا كان على وجه الإخبار لا على وجه الدعاء فحكمه الجواز لاختلاف المسألة فباب الإخبار غير باب الدعاء


(١) مجموع فتاوى ابن عثيمين ١٠/ ٩١٦ - ٩١٧.
(٢) فتح الباري ١١/ ١٤٤.
(٣) ينظر فتح الباري ١١/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>