للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤ - تَنْبيهٌ مهم:

يجب التفصيل بين النظام الوضعي الذي يقتضي تحكيمه الكفر بالله، وبين النظام الذي لا يقتضي ذلك.

قال الإمام محمد الشنقيطي رحمه الله: "وإيضاح ذلك أن النظام قسمان:

إداري وشرعي: أما الإداري الذي يراد به ضبط الأمور وإتقانها على وجه غير مخالف للشرع، فهذا لا مانع منه، ولا مخالف فيه من الصحابة فمن بعدهم، وقد عمل عمر - رضي الله عنه - من ذلك أشياء كثيرة ما كانت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -،ككتْبِه أسماء الجند في ديوان لأجل الضبط، ومعرفة من غاب ومن حضر، كما قدمنا إيضاح المقصود منه في سورة بني إسرائيل في الكلام على العاقلة التي تحمل دية الخطأ، مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك ولم يعلم بتخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك إلا بعد أن وصل تبوك - صلى الله عليه وسلم -، وكاشترائه - أعني عمر - رضي الله عنه - دار صفوان بن أمية، وإياها سجنا في مكة المكرمة، مع أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يتخذ سجنًا هو ولا أبو بكر - رضي الله عنه -.

فمثل هذا من الأمور الإدارية التي تفعل لإتقان الأمور مما لا يخالف الشرع لا بأس به، كتنظيم شؤون الموظفين، وتنظيم إدارة الأعمال على وجه لا يخالف الشرع، فهذا النوع من الأنظمة الوضعية لا بأس به، ولا يخرج عن قواعد الشرع من مراعاة المصالح العامة.

قلت: إذا كان الأمر مسكوتًا عنه ولم يتعرض له الشرع المطهّر بحل أو حرمة فيجوز لولي الأمر أن يرتب لذلك أحكامًا يلزم الناس بالسير عليها ابتغاء المصلحة العامة وأوضح مثال لذلك تنظيم مرور السيارات.

وأما النظام الشرعي المخالف لتشريع خالق السموات والأرض، فتحكيمه كفر بخالق السموات والأرض، كدعوى أن تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث ليس بإنصاف، وأنهما يلزم استواؤهما في الميراث، وكل دعوى أن تعداد الزوجات ظلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>