للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشفاعة كلها لله وحده {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ} [الزمر: ٤٤]، وأثبت سبحانه الشفاعة بإذنه، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الأنبياء يشفعون، والصالحين يشفعون، وعلى هذا فمن أذن الله له في الشفاعة، يصح أن يقال أنه ملك ما أذن له فيه فقط، لا ما لم يؤذن له فيه، فهو تمليك معلق على الإذن والرضا لا تمليك مطلق كما يزعمه هذا الضال (١)، وسيد الشفعاء صلوات الله وسلامه عليه لا يشفع حتى يقال له ارفع رأسك، وقل يسمع واشفع تشفع ... " (٢).

[٧ - الفرق بين الشفاعة عند الله وبين الشفاعة عند البشر]

الشفاعة عند البشر قد تحصل بدون إذن المشفوع إليه، أو بدون رضاه عن المشفوع له، وذلك لأي سبب من الأسباب، والتي تدل على تأثير المخلوق في المخلوق، بخلاف الشفاعة عند الله تبارك وتعالى، فلا تحصل إلا بعد إذنه للشافع ورضاه عن المشفوع له.

قال القاضي علي بن أبي العز شارح الطحاوية: "الشفاعة عند الله ليست كالشفاعة عند البشر، فإن الشفيع عند البشر كما أنه شافع للطالب شفعه في الطلب، بمعنى أنه صار به شفعًا فيه بعد أن كان وترًا، فهو أيضًا قد شفع المشفوع إليه، فبشفاعته صار فاعلًا للمطلوب، فقد شفع الطالب والمطلوب منه والله تعالى وتر، لا يشفعه أحد، فلا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، فالأمر كله إليه فلا شريك له بوجه" (٣).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن المخلوق يشفع عند نظيره، أو من هو أعلى منه، أو دونه، بدون إذن المشفوع إليه، ويقبل المشفوع إليه ولابد شفاعته: إما لرغبته إليه، أو فيما عنده من قوة أو سبب ينفعه به أو يدفع عنه ما يخشاه، وإما


(١) يقصد داود بن جرجيس.
(٢) تأسيس التقديس ص ٨٢.
(٣) شرح الطحاوية ١/ ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>