من الناس من جعل بعض الموجودات خلقا لغير الله، كالقدرية وغيرهم، لكن هؤلاء يقرون بأن الله خالق العباد وخالق قدرتهم، وإن قالوا: إنهم خالقوا أفعالهم.
وكذلك أهل الفلسفة والطبع والنجوم الذين يجعلون بعض المخلوقات مبدعة لبعض الأمور، فهم مع الإقرار بالصانع يجعلون هذه الفاعلات مصنوعة مخلوقة، لا يقولون إنها غنية عن الخالق، مشاركة له في الخلق.
فأما من أنكر الصانع فذلك جاحد معطل للصانع، كالقول الذي أظهره فرعون، والكلام الآن مع المشركين بالله المقرين بوجوده" (١).
* استلزام توحيد الربوبية لتوحيد الألوهية:
إن من أقر بتوحيد الربوبية لله واعترف بأنه لا خالق ولا رازق ولا مدبر للكون إلا الله عزَّ وجلَّ لزمه أن يقر بأنه لا يستحق العبادة بجميع أنواعها إلا الله سبحانه وهذا هو توحيد الألوهية فإن الألوهية هي العبادة فالإله معناه المعبود فلا يدعى إلا الله ولا يستغاث إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، ولا تصرف جميع أنواع العبادة إلا له فتوحيد الربوبية دليل لوجوب توحيد الإلهية ولهذا كثيرا ما يحتج الله سبحانه على المنكرين لتوحيد الإلهية بما أقروا به من توحيد الربوبية مثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)} [البقرة: ٢١ - ٢٢]. وقال تعالى:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ}[الأنعام: ١٠٢].
وظاهر دلالة الآية الكريمة أن من أفرد الله بالربوبية استحق أن يفرده بالعبادة قال الشيخ سليمان بن عبد الله بعد أن ذكر أقسام التوحيد الثلاثة: "وهي متلازمة،