السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء: ١٠٢] الاية، وقوله {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّ}[النمل: ١٤]. وهذا النوع من التوحيد لا ينفع إلا بإخلاص العبادة لله كما قال تعالى {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)} [يوسف: ١٠٦] والآيات الدالة على ذلك كثير جدا" (١).
وكذلك من ينكر الرب اليوم من الشيوعيين إنما ينكرونه في الظاهر مكابرة وإلا فهم في الباطن لا بد أن يعترفوا بأن هناك ربًا يفتقر العباد إليه، وما من موجود إلا وله مُوجِد، وما من مخلوق إلا وله خالق وما من أثر إلا وله مؤثر قال الله تعالى {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (٣٦)} [الطور: ٣٥ - ٣٦].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وبهذا وغيره يعرف ما وقع من الغلط في مسمى التوحيد، فإن عامة المتكلمين الذين يقررون التوحيد في كتب الكلام والنظر غايتهم أن يجعلوا التوحيد ثلاثة أنواع، فيقولون: هو واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له.
وأشهر الأنواع الثلاثة عندهم هو الثالث: وهو توحيد الأفعال وهو أن خالق العالم واحد، وهم يحتجون على ذلك بما يذكرونه من دلالة التمانع وغيرها، ويظنون أن هذا هو التوحيد المطلوب، وأن هذا هو معنى قولنا: لا إله إلا الله، حتى قد يجعلون معنى الإلهية القدرة على الاختراع. ومعلوم أن المشركين من العرب الذين بُعث إليهم محمد -صلى الله عليه وسلم- أولا - لم يكونوا يخالفونه في هذا، بل كانوا يقرون بأن الله خالق كل شيء حتى إنهم كانوا مقرين بالقدر أيضا، وهم مع هذا مشركون.
وقد تبين أن ليس في العالم من ينازع في أصل هذا الشرك ولكن غاية ما يقال: إن