قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب:"واعلم أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صفة إشراكهم أنهم يدعون الله، ويدعون معه الأصنام والصالحين؛ مثل عيسى، وأمه، والملائكة؛ يقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله؛ وهم يقرون: أن الله سبحانه، هو: النافع، الضار، المدبر؛ كما ذكر الله عنهم في قوله تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ}[يونس: ٣١] "(١).
وقد أفنى البعض عمره في إثبات هذا النوع مع أن النفوس قد فُطرت على الإقرار والإيمان به، وإنما تُنزل الكتب وتُرسل الرسل ويشرع الجهاد وتسير الكتائب من أجل توحيد الله بأفعال العباد وهو توحيد الألوهية.
ولذلك نجد أن أهل السنة والجماعة لم يعنوا كثيرًا في إيضاح توحيد الربوبية بل عنوا بتوحيد الألوهية، وبيانه، والدعوة إليه، والرد على من غلط فيه.
وإذا كان المشركون يقرون: أن الله سبحانه، هو: النافع، الضار، المدبر فإن كفر من أشرك مع الله غيره في الربوبية يعتبر أشد كفرًا من المشركين الذين أشركوا مع الله غيره في الألوهية.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: "وقد دل القرآن العظيم على أن توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: توحيده في ربوبيته، وهذا النوع من التوحيد جبلت عليه فطر العقلاء، قال تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[الزخرف: ٨٧]. وإنكار فرعون لهذا النوع من التوحيد في قوله {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣)} [الشعراء: ٢٣]. تجاهل من عرف أنه عبد مربوب، بدليل قوله تعالى {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ