للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢ - الرشيد يحاول هدم إيوان كسرى]

قال ابن خلدون: "وانظر المشاهدة إيوان كسرى وما اقتدر فيه الفرس حتى إنه عزم الرشيد على هدمه وتخريبه فتكاءد عنه وشرع فيه ثم أدركه العجز" (١).

وقال ابن خلدون أيضًا: "الفصل الرابع في أن الهياكل العظيمة جدًّا لا تستقل ببنائها الدولة الواحدة ... وأكثر المباني العظيمة في الغالب هذا شأنها ويشهد لذلك أن المباني العظيمة لعهدنا نجد الملك الواحد يشرع في اختطاطها وتأسيسها فإذا لم يتبع أثره من بعده من الملوك في إتمامها بقيت بحالها ولم يكمل القصد فيها، ويشهد لذلك أيضًا أنا نجد آثارًا كثيرة من المباني العظيمة تعجز الدول عن هدمها وتخريبها مع أن الهدم أيسر من البناء بكثير؛ لأن الهدم هو رجوع إلى الأصل الذي هو العدم والبناء على خلاف الأصل، فإذا وجدنا بناء تضعف قوتنا البشرية عن هدمه مع سهولة الهدم علمنا أن القدرة التي أسسته مفرطة القوة - وأنها ليست أثر دولة واحدة وهذا مثل ما وقع للعرب في إيوان كسرى، لما اعتزم الرشيد على هدمه وبعث إلى يحيى بن خالد وهو في محبسه يستشيره في ذلك فقال: يا أمير المؤمنين لا تفعل واتركه ماثلًا يستدل به على عظم ملك آبائك الذين سلبوا الملك لأهل ذلك الهيكل، فاتهمه في النصيحة وقال: أخذته النعرة للعجم والله لأصرعنه وشرع في هدمه وجمع الأيدي عليه واتخذ له الفؤوس وحماه بالنار وصب عليه الخل حتى أدركه العجز بعد ذلك كله ... وأقصر عن هدمه" (٢).

[٣ - المأمون يحاول هدم الهرمين بمصر]

قال في معجم البلدان: "ولما وصل المأمون إلى مصر أمر بنقبهما فنقب أحد الهرمين المحاذيين للفسطاط بعد جهد شديد وعناء طويل فوجد في داخله مهاو


(١) مقدمة ابن خلدون ١/ ١٧٧.
(٢) مقدمة ابن خلدون ١/ ٣٤٦، ٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>