للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[أحكام وفوائد]

١ - في قوله "قرب ولو ذبابًا" ذهب بعض أهل العلم إلى أنه مُكره وأن شرع من قبلنا لا يعذرون بالإكراه ويعضدون ذلك بقصة أصحاب الأخدود والحديث الذي فيه: "فيشق الرجل نصفين لا يرده عن دينه".

وذهب بعض أهل العلم إلى أنه فعل ذلك طواعية من غير إكراه لأن المكره له أن يكفر مع اطمئنان قلبه.

قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَه الله: "فإن قوله: "قرب ولو ذبابًا" يقتضي أنه فعله قاصدًا التقرب، أما لو فعله تخلصًا من شرهم فإنه لا يكفر لعدم قصد التقرب، ولهذا قال الفقهاء: لو أكره على طلاق امرأته فطلق تبعًا لقول المكرِه؛ لم يقع الطلاق، بخلاف ما لو نوى الطلاق؛ فإن الطلاق يقع، وإن طلق دفعا للإكراه؛ لم يقع، وهذا حق لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات".

وظاهر القصة أن الرجل ذبح بنية التقرب ... ولو فعله بقصد التخلص ولم ينو التقرب لهذا الصنم لا يكفر لعموم قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} (١).

٢ - فائدة: في قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢] قد جمع تعالى بين هاتين العبادتين، اللتين هما أفضل العبادات وأفضل القربات لله. ففي قوله {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} أي: أخلص لربك الصلاة، ونحر البدن ونحوها، على اسمه وحده.

فالصلاة: أفضل العبادات البدنية، والذبح أفضل العبادات المالية. وإنما كان الذبح أفضلها، لأنه يجتمع فيه أمران: الأول: أنه طاعة لله. والثاني: أنه بذل ماله


(١) مجموع فتاوى ابن عثيمين ٩/ ٢٢٠. وانظر القول المفيد ط ١ - ١/ ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>