للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٨ - حكم البكاء]

البكاء على الميت جائز لا كراهة فيه إذا لم يصحبه ندب ونياحة. قال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ عَلَى أَبي سَيْفٍ الْقَيْنِ وَكَانَ ظِئْرًا لإِبْرَاهِيمَ - عليه السلام - فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَذْرِفَانِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رضي الله عنه - وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: "يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ ثُمَّ أَتْبَعَهَا بأُخْرَى فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ" (١).

وقد بسط الإمام ابن القيم أدلة المجيزين في كتابه عدة الصابرين (٢) فليراجع هناك.

قال في الوسيط: "أما البكاء فجائز من غير ندبة ونياحة وشق جيب وضرب خد فكل ذلك حرام لأنه يخالف الانقياد لقضاء الله تعالى" (٣).

وفي حاشية البجيرمي: "فالبكاء وحده لا يحرم" (٤).

وقال ابن حزم: "والصبر واجب والبكاء مباح ما لم يكن نوح، فإن النوح حرام والصياح وخمش الوجوه وضربها وضرب الصدر ونتف الشعر وحلقه للميت كل ذلك حرام، وكذلك الكلام المكروه الذي هو تسخط لأقدار الله تعالى وشق الثياب" (٥).


(١) أخرجه البخاري (١٣٠٣).
(٢) ص ١٣١ - ١٣٣.
(٣) الوسيط ٢/ ٣٩٢، وانظر مثله قول الفاكهاني في مواهب الجليل ٢/ ٢٣٥.
(٤) حاشية البجيرمي ١/ ٥٠٢.
(٥) المحلى ٥/ ١٤٦، وانظر القائلين بجوازه أيضا سنن البيهقي ٤/ ٧٠، والنووي ١٥/ ٧٥، فتح الباري ٣/ ١٥٩، سبل السلام ٢/ ١١٧، نيل الأوطار ٤/ ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>