للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: وذكر الإمام الطبري وعياض ومن تبعه أن معنى التعذيب تألم الميت (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن الميت يشعر بالألم. كما في الحديث:"السفر قطعة من العذاب" (٢).

ومتى حصل شيء من ذلك فإثمه على فاعله أو قائله ولا يلحق الميت من الإثم شيء إلا إذا كان له فيه مدخل كأن أوصى به (٣). وقيل أنه محمل قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" فإن لم يمتثل أمره بذلك كان عليه إثم الأمر فقط" (٤).

قال البخاري في صحيحه: "باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يعذب الميت ببكاء كان النوح من سنته ... فإذا لم يكن من سنته، فهو كما قالت عائشة - رضي الله عنها -: "ولا تزر وازرة وزر أخرى"" (٥).

قال ابن حجر - رحمه الله -: "ويحتمل أن يجمع بين هذه التوجيهات ينزل على اختلاف الأشخاص بأن يقال مثلًا: من كانت طريقته النوح فمشى أهله على طرقته أو بالغ بذلك عُذّب بصنعه، ومن كان ظالمًا فنُدب بأفعاله الجائرة عُذّب بما نُدب به، ومن كان يعرف من أهل النياحة فأهمل نهيهم عنها فإن كان راضيًا. بذلك التحق بالأول، وإن كان غير راض عذب بالتوبيخ كيف أهمل النهي، ومن سلم من ذلك كله واحتاط فنهى أهله عن المعصية ثم خالفوه وفعلوا ذلك كان تعذبيه تألُّمُه بما يراه منهم من مخالفة أمره وإقدامهم على معصية ربهم، والله تعالى أعلم بالصواب" (٦).


(١) فتح الباري ٣/ ١٥٨.
(٢) مجموع الفتاوى ٢٤/ ٣٧٤، ٣٧٥، وانظر ١٨/ ١٤٢.
(٣) انظر شرح النووي لصحيح مسلم ٦/ ٢٢٧ - ٢٢٩.
(٤) حاشية البجيرمي ١/ ٥٠٢.
(٥) صحيح البخاري مع الفتح ٣/ ١٥٣.
(٦) فتح الباري ٣/ ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>