قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"اعلم أن محركات القلوب إلى الله عز وجل ثلاثة: المحبة، والخوف، والرجاء، وأقواها المحبة، وهي مقصودة تُرادُ لذاتها، لأنها تراد في الدنيا والآخرة بخلاف الخوف فإنه يزول في الآخرة قال الله تعالى:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، والخوف المقصود منه: الزجر والمنع من الخروج عن الطريق، فالمحبة تلقي العبد في السير إلى محبوبه، وعلى قدر ضعفها وقوتها يكون سيره إليه، والخوف يمنعه أن يخرج عن طريق المحبوب، والرجاء يقوده، فهذا أصل عظيم يجب على كل عبد أن يتنبه له، فإنه لا تحصل له العبودية بدونه، وكل أحد يجب أن يكون عبدا لله لا لغيره.
فإن قيل: فالعبد في بعض الأحيان قد لا يكون عنده محبة تبعثه على طلب محبوبه، فأي شيء يحرك القلوب؟ قلنا: يحركها شيئان:
أحدهما: كثرة الذكر للمحبوب، لأن كثرة ذكره تعلق القلوب به لهذا أمر الله عز وجل بالذكر الكثير، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: ٤١، ٤٢].
الثاني: مطالعة آلائه ونعمائه ... فإذا ذكر العبد ما أنعم الله به عليه من تسخير السماء والأرض، وما فيها من الأشجار والحيوان، وما أسبغ عليه من النعم الباطنه من الإيمان وغيره، فلا بد أن يثير ذلك عنده باعثًا.
وكذلك الخوف تحركه مطالعة آيات الوعيد، والزجر، والعرض، والحساب، ونحوه. وكذلك الرجاء يحركه مطالعة الكرم والحلم والعفو" (١).