للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢ - مقتضى محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: في حقيقة المتابعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - "فمحمد - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى كل أحد من الإنس والجن، كتابيهم وغير كتابيهم، في كل ما يتعلق بدينه من الأمور الباطنة والظاهرة، في عقائده وحقائقه، وطرائقه وشرائعه، فلا عقيدة إلا عقيدته، ولا حقيقة إلا حقيقته، ولا طريقة إلا طريقته، ولا شريعة إلا شريعته، ولا يصل أحد من الخلق إلى الله وإلى رضوانه وجنته وكرامته وولايته إلا بمتابعته باطنا وظاهرا في الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة في أقوال القلب وعقائده، وأحوال القلب وحقائقه، وأقوال اللسان وأعمال الجوارح" (١).

وقال ابن القيم رحمه الله في تفسير قوله تعالى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: ٦]: "ويلزم من هذه الأولوية والمحبة كمال الانقياد والطاعة والرضا والتسليم وسائر لوازم المحبة من الرضا بحكمه والتسليم لأمره وإيثاره على ما سواه" (٢).

وقال ابن رجب رحمه الله: "فالواجب على كل مؤمن أن يحب ما أحبه الله محبة توجب له الإتيان بما وجب عليه منه، فإن زادت المحبة حتى أتى بما ندب إليه منه كان ذلك فضلا وأن يكره ما كرهه الله تعالى كراهة توجب له الكف عما حرم عليه منه فإن زادت الكراهة حتى أوجبت الكشف عما كرهه تنزيها كان ذلك فضلًا، وقد ثبت في الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده وأهله والناس أجمعين". فلا يكون المؤمن مؤمنا حتى يقدم محبة الرسول على محبة جميع الخلق، ومحبة الرسول تابعة لمحبة مرسله، والمحبة الصحيحة تقتضي


(١) الفتاوى ١٠/ ٤٣٠ - ٤٣١.
(٢) التبوكية ص ٣٠. وانظر الآثار الواردة في سير أعلام النبلاء د: جمال بن أحمد ١/ ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>