للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي زَمَن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-. وَكَلِمَة رَئِيسهمْ. وَأَمَّا الإِرْجَاء، وَالرَّفْض، وَالْقَدَر، وَالتَّجَهُّم، وَالْحُلُول وَغَيْرهَا مِنْ الْبِدَع فَإِنَّهَا حَدَثَتْ بَعْد اِنْقِرَاض عَصْر الصَّحَابَة. وَبِدْعَة الْقَدَر: أَدْرَكَتْ آخِر عَصْر الصَّحَابَة فَأَنْكَرَهَا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ حَيًّا، كَعَبْدِ الله بْن عُمَر، وَابْن عَبَّاس، وَأَمْثَالهمَا. أَكْثَر مَا يَجِيء مِنْ ذِمَّتهمْ فَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف عَلَى الصَّحَابَة: مِنْ قَوْلهمْ فِيهِ. ثُمَّ حَدَثَتْ بِدْعَة الإرْجَاء بَعْد اِنْقِرَاض عَصْر الصَّحَابَة فَتَكَلَّمَ فِيهَا كِبَار التَّابِعِينَ الَّذِينَ أَدْرَكُوهَا كَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُمْ ثُمَّ حَدَثَتْ بِدْعَة التَّجَهُّم بَعْد اِنْقِرَاض عَصْر التَّابِعِينَ. وَاسْتَفْحَلَ أَمْرهَا، وَاسْتَطَارَ شَرّهَا فِي زَمَن الأَئِمَّة، كَالإِمَامِ أَحْمَد. ثُمَّ حَدَثَتْ بَعْد ذَلِكَ بِدْعَة الْحُلُول، وَظَهَرَ أَمْرهَا فِي زَمَن الْحُسَيْن الْحَلَّاج. وَكُلَّمَا أَظْهَرَ الشَّيْطَان بِدْعَة مِنْ هَذِهِ الْبدَع وَغَيْرهَا: أَقَامَ الله لَهَا مِنْ حِزْبه وَجُنْده مَنْ يَرُدّهَا، وَيُحَذِّر الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا، نَصِيحَة للهِ وَلكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلأَهْلِ الإِسْلَام. وَجَعَلَهُ مِيرَاثًا يُعْرَف بِهِ حِزْب رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- وَوَلِيّ سُنَنه، مِنْ حِزْب الْبِدْعَة وَنَاصِرهَا. وَقَدْ جَاءَ فِي أَثَر لَا يَحْضُرنِي إِسْنَاده "إِنَّ لله عِنْد كُلّ بدْعَة يُكَاد بِهَا الإِسْلَام وَلِيًّا يَنْطِق بِعَلَامَاتِهِ". فَاغْتَنِمُوا تِلْكَ الْمَجَالِس، وَتَوَكَّلُوا عَلَى الله. فَإِنَّ الرَّحْمَة تَنْزِل عَلَيْهِمْ. نَسْأَل الله تَعَالَى أَنْ يَجْعَلنَا مِنْهُمْ، وَأَنْ يُلْحِقنَا بِهِمْ، وَأَنْ يَجْعَلنَا لَهُمْ خَلَفًا، كَمَا جَعَلَهُمْ لَنَا سَلَفًا بِمَنِّهِ وَكَرَمه" (١).

[٥ - أسباب ظهور البدع]

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: "الأسباب التي أدت إلى ظهور البدع:

١ - الجهل بأحكام الدين: كلما امتد الزمن وبعد الناس عن آثار الرسالة قلَّ العلم وفشى الجهل كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا" (٢). وقوله: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد ولكن


(١) عون المعبود مع شرح الحافظ ابن القيم ١٢/ ٤٥٦.
(٢) مسند الإمام أحمد ٤/ ١٢٦ وأبو داود (٤٦٠٧) والترمذي (٢٦٧٦) وابن ماجه (٤٢) وصحيح

<<  <  ج: ص:  >  >>