وإذا كان كذلك: فقد يملك المخلوق شيئًا من ذلك، وعلى هذا فتكون الاستعاذة بغير الله شركًا أكبر، إذا كان ذلك المخلوق لا يقدر على أن يعيذ، أو طُلِبتْ منه الإعاذة فيما لا يقدر عليه إلا الله.
والذي يظهر أن المقام - كما سبق - فيه تفصيل، وهو: أن الاستعاذة فيها عمل ظاهر، وفيها عمل باطن، فالعمل الظاهر: أن يطلب العوذ، وأن يطلب العياذ، وهو أن يُعصم من هذا الشر، أو أن ينجو من هذا الشر، وفيها - أيضًا - عمل باطن وهو: توجه القلب وسكينته، واضطراره، وحاجته إلى هذا المستعاذ به، واعتصامه بهذا المستعاذ به، وتفويض أمر نجاته إليه.
فإذا كانت الاستعاذة تجمع هذين النوعين فيصح أن يُقال: إن الاستعاذة لا تصلح إلا بالله، لأن منهما ما هو عملي قلبي - كما تقدم - وهو - بالإجماع - لا يصلح التوجه به إلا لله. وإذا قصد بالاستعاذة العمل الظاهر - فقط - وهو طلب العياذ والملجأ، فيجوز أن يتوجه بها إلى المخلوق، وعلى هذا يحمل الدليل الوارد في جوازها" (١).
* حكم قول أعوذ بالله وبكـ أو ثم بكـ:
قال ابن عثيمين: "وقوله أعوذ بالله وبك هذا محرم؛ لأنه جمع بين الله والمخلوق بحرف يقتضي التسوية وهو الواو.
ويجوز "بالله ثم بك" لأن ثم تدل على الترتيب والتراخي.
فإن قيل: سبق أن من الشرك الاستعاذة بغير الله، وعلى هذا يكون قوله:"أعوذ بالله ثم بك" محرمًا.
أجيب: أن الاستعاذة بمن يقدر على أن يعيذك جائزة، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في صحيح