الخوف والرجاء، وبعض السلف قال: يُغلِّب جانب الخوف على جانب الرجاء، وبعض السلف قال: يُغلِّب جانب الرجاء على جانب الخوف، وهي أقوال متباينة ظاهرًا، لكنها متفقة في الحقيقة، لأن كل قول منها يرجع إلى حالة مما ذكرنا.
فمن قال: يُغلِّب جانب الخوف على الرجاء فهو في حق الصحيح العاصي. ومن قال: يُغلِّب جانب الرجاء على الخوف فهو في حق المريض الذي يخاف الهلاك أو من يخاف الموت. ومن قال: يساوي بين الخوف والرجاء فنظر إلى حال المسددين المسارعين في الخيرات، الذين وصفهم الله - جل وعلا - بقوله:{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}[الأنبياء: ٩٠]، وقوله - جل وعلا - في سورة الإسراء:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}[الإسراء: ٥٧] وهذا ظاهر" (١).