للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جحود للحق وهم ينظرون إليه ويعرفونه.

وللتدقيق في التعريف بينهما يُنظر في قول الأزهري حين قال:"وأما كفر الجحود فأن يعرف بقلبه ولا يقر بلسانه، فهذا كافر جاحد ككفر إبليس، وكفر أمية بن أبي الصلت، ومنه قوله سبحانه: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة.٨٩]. يعني كفر الجحود.

وأما كفر المعاندة فهو أن يعرف بقلبه ويقر بلسانه، ويأبى أن يقبل ككفر أبى طالب حيث يقول:

ولقد علمت بأن دين محمدٍ ... من خير أديان البرية دينا

لولا الملامة أو حِذارُ مسبَّةٍ ... لوجدتني سمحا بذاك مبينا" (١).

فهو بهذا مقر بالدين وبأنه خير لكنه غير ملتزم به فهو كفر عناد واستكبار.

قال ابن حجر: "ومما ورد من شعر أبي طالب في ذلك أنه نظير ما حكى الله تعالى عن كفار قريش {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} فكان كفرهم عنادًا ومنشؤه من الأنفة والكبر، وإلى ذلك أشار أبو طالب في قوله: لولا أن تعيرني قريش" (٢).

* الفرق بين الكفر والتكذيب والإنكار:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَه الله: " ... والكفر أعم من التكذيب فكل من كذَّب الرسول كافر، وليس كل كافر مكذبًا، بل من يعلم صدقه، ويقر به وهو مع ذلك يبغضه أو يعاديه كافر، أو من أعرض فلم يعتقد لا صدقه ولا كذبه كافر وليس بمكذب ... " (٣).


(١) تهذيب اللغة ١٠/ ١٩٤. انظر للاستزادة باب (كفر الإعراض).
(٢) الإصابة في تمييز الصحابة ٧/ ٢٣٩.
(٣) الفتاوى الكبرى ٥/ ١٩٩، ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>