للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أذنب فلما وقف بين يديه قال: اللهم إني أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد فقال: "عرف الحق لأهله"" (١).

[٢ - مسألة]

حُكي عن أبي جعفر الداودي ما يقتضي جواز العطف بالواو احتجاجًا بقوله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: ٧٤] وقوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٣٧] ونحو ذلك. والصواب المنع، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر ذلك وقال لمن قال له ذلك: "أجعلتني لله ندًا".

وأقر اليهودي على تسميته تنديدًا وشركًا، ومن المحال أن يكون هذا أمرًا جائزًا.

قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "وأما ما احتج من القرآن، فقد ذكروا عن ذلك جوابين:

أحدهما: أن ذلك لله وحده، لا شريك له، كما أنه تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته فكذلك هذا.

الثاني: أن قوله: ما شاء الله وشئت تشريك في مشيئة الله، وأما الآية فإنما أخبر بها عن فعلين متغايرين، فأخبر تعالى أنه أغناهم وأن رسوله أغناهم. وهو من الله حقيقة، لأنه الذي قدر ذلك، ومن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حقيقة باعتبار تعاطي الفعل، وكذلك الإنعام أنعم الله على زيد بالإسلام، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أنعم عليه بالعتق، وهذا بخلاف المشاركة في الفعل الواحد، فالكلام إنما هو فيه، والمنع إنما هو منه. فإن قلت: قد ذكر النحاة أن "ثم" تقتضي اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم كالواو فلم جاز ذلك بثم ومنع منه الواو؟. وغاية ما يقال: إن "ثم" تقتضي الترتيب بخلاف الواو، فإنها تقتضي مطلق الجمع، وهذا لا يغير صورة الاشتراك


(١) تيسير العزيز الحميد ص ٦٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>