للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فشغله بها عن الاستكثار من الطاعات وعن الاجتهاد في التزود لمعاده ... العقبة السادسة وهي عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات؛ ليشغله بها عما هو أفضل منها وأعظم كسبًا وربحًا ... ولكن أين أصحاب هذه العقبة فهم الأفراد في العالم والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأول .. فإذا نجا منها لم يبق هناك عقبة يطلبه العدو عليها سوى واحدة لا بد منها، ولو نجا منها أحد لنجا منها رسل الله وأنبياؤه وأكرم الخلق عليه وهي عقبة تسليط جنده عليه بأنواع الأذى باليد واللسان والقلب على حسب مرتبته في الخير، فكلما علت مرتبته أجلب عليه العدو بخيله ورجله وظاهر عليه بجنده وسلط عليه حزبه وأهله بأنواع التسليط ... " (١).

٣ - ما معنى قول السلف: إن المعاصي تسمى كفرًا؟:

قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ: "والقصد: أن المعاصي كلها من نوع الكفر الأصغر. فإنها ضد الشكر، الذي هو العمل بالطاعة. فالسعي: إما شكر، وإما كفر، وإما ثالث، لا من هذا ولا من هذا. والله أعلم" (٢).

وقال ابن العربي رَحِمَهُ اللهُ: "الطاعات كما تسمى إيمانًا كذلك المعاصي تسمى كفرًا، لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد عليه الكفر المخرج من الملة" (٣).

وإذا كانت الطاعات تسمى إيمانًا، كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: ١٤٣]. يعني صلاتكم إلى بيت المقدس، قبل تحويل القبلة إلى الكعبة، فكذلك المعاصي تسمى كفرًا، كما تقدم من كلام ابن القيم رَحِمَهُ الله، لكن لا يراد به الكفر المخرج عن الملة بل يراد الاعتبار اللغوي.

وقد تنسب المعاصي إلى الجاهلية؛ لشناعتها، ولا يكفّر صاحبها بارتكابها إلا


(١) مدارج السالكين ١/ ٢٤٤ - ٢٤٨ باختصار.
(٢) مدارج السالكين ١/ ٣٦٥.
(٣) محاسن التأويل ٥/ ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>