للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسألة: الدعاء عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -]

سبق الكلام عنها في باب الدعاء كما تكلمنا هناك عن هيئة الداعي عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -.

[٦ - البدع عند القبور]

أما البدع فكثيرة متنوعة ومنها ما هو بدعة كفرية كفر أكبر ومنها ما هو دون ذلك. قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: "قال شيخنا قدس الله روحه: وهذه الأمور المبتدعة عند القبور مراتب أبعدها عن الشرع أن يسأل الميت حاجته ويستغيث به فيها كما يفعله كثير من الناس، قال: وهؤلاء من جنس عبّاد الأصنام، ولهذا قد يتمثل لهم الشيطان في صورة الميت أو الغائب كما يتمثل لعبّاد الأصنام، وهذا يحصل للكفار من المشركين وأهل الكتاب يدعو أحدهم من يعظمه فيتمثل له الشيطان أحيانا وقد يخاطبهم ببعض الأمور الغائبة، وكذلك السجود للقبر والتمسح به وتقبيله" (١).

وقال ابن القيم رحمه الله: "هذا ولم نتجاوز فيما حكيناه عنهم ولا استقصينا جميع بدعهم وضلالهم إذ هي فوق ما يخطر بالبال، أو يدور في الخيال. وهذا كان مبدأ عبادة الأصنام في قوم نوح كما تقدم، وكل من شم أدني رائحة من العلم والفقه يعلم أن من أهم الأمور سد الذريعة إلى هذا المحذور وأن صاحب الشرع أعلم بعاقبة ما نهى عنه لما يؤول إليه، وأحكم في نهيه عنه وتوعده عليه، وأن الخير والهدى في اتباعه وطاعته، والشر والضلال في معصيته ومخالفته.

ورأيت لأبي الوفاء بن عقيل في ذلك فصلًا حسنًا، فذكرته بلفظه، قال: لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم. قال: وهم عندي كفار بهذه الأوضاع مثل تعظيم القبور وإكرامها بما نهى عنه الشرع من إيقاد النيران وتقبيلها


(١) إغاثة اللهفان ١/ ٢١٧ وانظر أيضًا للاستزادة زيارة القبور الشرعية والشركية لمحي الدين البركوي الحنفي، ص ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>